ومن أعلامه ودلائله عليه السلام على الاختصار منها، والاقتصار على بعضها، فلو أني نشرت ما طويت منها لرماني الناس بيد واحدة عن قوس واحدة، وكذلك أنا في أخبار سائر الأئمة عليهم السلام.
روي أن أمير المؤمنين عليا - عليه السلام - كان جالسا في المسجد إذ دخل عليه رجلان فاختصما إليه، وكان أحدهما من الخوارج، فتوجه الحكم إلى الخارجي فحكم عليه أمير المؤمنين عليه السلام، فقال له الخارجي: والله ما حكمت بالسوية ولا عدلت في القضية، وما قضيتك عند الله تعالى بمرضية، فقال له أمير المؤمنين عليه السلام وأومأ إليه إخسأ عدو الله، فاستحال كلبا أسود، فقال من حضره: فوالله لقد رأينا ثيابه تطاير عنه في الهواء، وجعل يبصبص لأمير المؤمنين عليه السلام، ودمعت عيناه في وجهه، ورأينا أمير المؤمنين عليه السلام وقد رق فلحظ السماء، وحرك شفتيه بكلام، لم نسمعه فوالله لقد رأيناه وقد عاد إلى حال الإنسانية، وتراجعت ثيابه من الهواء، حتى سقطت على كتفيه، فرأيناه وقد خرج من المسجد، وإن رجليه لتضطربان.
فبهتنا ننظر إلى أمير المؤمنين عليه السلام، فقال لنا: ما لكم تنظرون وتعجبون؟ فقلنا يا أمير المؤمنين: كيف لا نتعجب وقد صنعت ما صنعت.
فقال: أما تعلمون أن آصف بن برخيا، وصي سليمان بن داود عليهما السلام قد صنع ما هو قريب من هذا الأمر فقص الله جل أسمه قصته حيث