صلى الله عليه وسلم على ما قالوه، فأمرهم أن يرملوا الأشواط الثلاثة، وأن يمشوا بين الركنين، فلما رأوهم رملوا، قالوا: هؤلاء الذين ذكرتم أن الحمى قد وهنتهم؟ هؤلاء أجلد منا (1).
قال ابن عباس رضي الله عنهما: ولم يأمرهم أن يرملوا الأشواط كلها إلا إبقاء (2) عليهم. رواه البخاري، ومسلم، وأبو داود، واللفظ له.
ولقد بدا لعمر رضي الله عنه أن يدع الرمل بعد ما انتهت الحكمة منه، ومكن الله للمسلمين في الأرض، إلا أنه رأى إبقاءه على ما كان عليه في العهد النبوي. لتبقى هذه الصورة ماثلة للأجيال بعده.
قال محب الدين الطبري: وقد يحدث شئ من أمر الدين لسبب ثم يزول السبب ولا يزول حكمه.
فعن زيد بن أسلم. عن أبيه قال: سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: فيم الرملان اليوم، والكشف عن المناكب؟ وقد أطأ (3) الله الاسلام، ونفى الكفر وأهله، ومع ذلك لا ندع شيئا كنا نفعله على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
3 - استلام (4) الركن اليماني:
لقول ابن عمر رضي الله عنهما: لم أر النبي صلى الله عليه وسلم يمس من الأركان إلا اليمانيين.
وقال: ما تركت استلام هذين الركنين - اليماني، والحجر الأسود - منذ رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يستلمهما، في شدة، ولا في رخاء.
رواهما البخاري، ومسلم.
وإنما يستلم الطائف هذين الركنين، لما فيهما من فضيلة، ليست لغيرهما.
ففي الركن الأسود ميزتان، إحداهما: أنه عل قواعد إبراهيم عليه السلام.