وفي الصحيحين عن أنس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بامرأة عند قبر تبكي على صبي لها، فقال لها: " اتقي الله، واصبري "، فقالت: وما تبالي بمصيبتي. فلما ذهب قيل لها: إنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذها مثل الموت، فأتت بابه، فلم تجد على بابه بوابين، فقالت: يا رسول الله، لم أعرفك.
فقال: " إنما الصبر عند الصدمة الأولى. " ووجهة الاستدلال أن الرسول صلى الله عليه وسلم رآها عند القبر فلم ينكر عليها ذلك.
ولان الزيارة من أجل التذكير بالآخرة، وهو أمر يشترك فيه الرجال والنساء، وليس الرجال بأحوج إليه منهن.
وكره قوم الزيارة لهن لقلة صبرهن وكثرة جزعهن، ولقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لعن الله زوارات القبور " رواه أحمد وابن ماجة والترمذي وصححه.
قال القرطبي: اللعن المذكور في الحديث إنما هو للمكثرات من الزيارة لما تقتضيه الصيغة من المبالغة. ولعل السبب ما يفضي إليه ذلك من تضييع حق الزوج والتبرج. وما ينشأ من الصياح، ونحو ذلك. وقد يقال: إذا أمن جميع ذلك فلا مانع من الاذن لهن، لان تذكر الموت يحتاج إليه الرجال والنساء. قال الشوكاني - تعليقا على كلام القرطبي -: وهذا الكلام هو الذي ينبغي اعتماده في الجمع بين أحاديث الباب المتعارضة في الظاهر.
الاعمال التي تنفع الميت وهل يجوز إهداء الثواب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
من المتفق عليه: أن الميت ينتفع بما كان سببا فيه من أعمال البر في حياته، لما رواه مسلم وأصحاب السنن عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له " وروى ابن ماجة عنه: أنه صلى الله عليه وسلم قال: " إن مما يلحق المؤمن من عمله وحسناته بعد موته، علما علمه ونشره، أو ولدا صالحا تركه أو مصحفا ورثه. أو مسجدا بناه، أو بيتا بناه