حتى خرجت مع مروان وهو أمير المدينة في أضحى أو فطر، فلما أتينا المصلى إذا منبر بناه كثير بن الصلت، فإذا مروان يريد أن يرتقيه قبل أن يصلي فجبذت بثوبه فجبذني فارتفع فخطب قبل الصلاة. فقلت له: غيرتم والله.
فقال: أبا سعيد!... قد ذهب ما تعلم. فقلت: ما أعلم والله خير مما لا أعلم.
فقال: إن الناس لم يكونوا يجلسون لنا بعد الصلاة فجعلتها قبل الصلاة.
متفق عليه. وعن عبد الله بن السائب قال: شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم العيد فلما قضى الصلاة قال: (إنا نخطب فمن أحب أن يجلس للخطبة فليجلس ومن أحب أن يذهب فليهذب) رواه النسائي وأبو داود وابن ماجة.
وكل ما ورد في أن للعيد خطبتين يفصل بينهما الامام بجلوس فهو ضعيف.
قال النووي: لم يثبت في تكرير الخطبة شئ.
ويستحب افتتاح الخطبة بحمد الله تعالى، ولم يحفظ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم غير هذا.
قال ابن القيم: كان صلى الله عليه وسلم يفتتح خطبه كلها بالحمد لله ولم يحفظ عنه في حديث واحد أنه كان يفتتح خطبتي العيد بالتكبير، وإنما روى ابن ماجة في سننه عن سعيد، مؤذن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه كان يكبر بين أضعاف الخطبة ويكثر التكبير في خطبة العيدين. وهذا لا يدل على أنه يفتتحها به. وقد اختلف الناس في افتتاح خطبة العيدين والاستسقاء فقيل:
يفتتحان بالتكبير، وقيل تفتتح خطبة الاستسقاء بالاستغفار، وقيل يفتتحان بالحمد.
قال شيخ الاسلام تقي الدين: هو الصواب، لان النبي صلى الله عليه وسلم قال: (كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بالحمد فهو أجذم) (1) وكان صلى الله عليه وسلم يفتتح خطبه كلها بالحمد لله، وأما قول كثير من الفقهاء: أنه يفتتح خطب الاستسقاء بالاستغفار وخطبة العيدين بالتكبير فليس معهم فيها سنة عن النبي صلى الله عليه وسلم البتة، والسنة تقضي خلافه، وهو افتتاح جميع الخطب بالحمد لله.
(12) قضاء صلاة العيد:
قال أبو عمير بن أنس: حدثني عمومتي من الأنصار من أصحاب رسول