لحديث طارق بن شهاب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الجمعة حق واجب على كل مسلم في جماعة). واختلفوا في العدد الذي تنعقد به الجمعة إلى خمسة عشر مذهبا ذكرها الحافظ في الفتح. والرأي الراجح أنها تصح باثنين فأكثر لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الاثنان فما فوقهما جماعة)، قال الشوكاني: وقد انعقدت سائر الصلوات بهما بالاجماع، والجمعة صلاة فلا تختص بحكم يخالف غيرها إلا بدليل، ولا دليل على اعتبار عدد فيها زائد على المعتبر في غيرها. وقد قال عبد الحق: إنه لا يثبت في عدد الجمعة حديث، وكذلك قال السيوطي: لم يثبت في شئ من الأحاديث تعيين عدد مخصوص. اه وممن ذهب إلى هذا الطبري وداود والنخعي وابن حزم.
مكان الجمعة:
الجمعة يصح أداؤها في المصر والقرية والمسجد وأبنية البلد والفضاء التابع لها، كما يصح أداؤها في أكثر من موضع. فقد كتب عمر رضي الله عنه إلى أهل البحرين: (أن جمعوا حيثما كنتم). رواه ابن أبي شيبة، وقال أحمد:
إسناده جيد. وهذا يشمل المدن والقرى. وقال ابن عباس: (إن أول جمعة جمعت في الاسلام بعد جمعة جمعت في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة لجمعة جمعت ب (جوائى): قرية من قرى البحرين).
رواه البخاري وأبو داود. وعن الليث بن سعد أن أهل مصر وسواحلها كانوا يجمعون على عهد عمر وعثمان بأمرهما وفيها رجال من الصحابة. وعن ابن عمر أنه كان يرى أهل المياه بين مكة والمدينة يجمعون فلا يعتب عليهم. رواه عبد الرزاق بسند صحيح.
مناقشة الشروط التي اشترطها الفقهاء تقدم الكلام على أن شروط وجوب الجمعة: الذكورة والحرية والصحة والإقامة وعدم العذر الموجب للتخلف عنها، كما تقدم أن الجماعة شرط لصحتها.
هذا هو القدر الذي جاءت به السنة والذي كلفنا الله به. وأما ما وراء ذلك من الشروط التي اشترطها بعض الفقهاء فليس له أصل يرجع إليه ولا مستند يعول