الأول: أنها آية من الفاتحة ومن كل سورة وعلى هذا فقراءتها واجبة في الفاتحة وحكمها حكم الفاتحة في السر والجهر، وأقوى دليل لهذا المذهب حديث نعيم المجمر، قال: صليت وراء أبي هريرة فقرأ (بسم الله الرحمن الرحيم، ثم قرأ بأم القرآن) الحديث وفي آخره قال: والذي نفسي بيده أني لأشبهكم صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم. رواه النسائي وابن خزيمة وابن حبان.
قال الحافظ في الفتح: وهو أصح حديث ورد في الجهر بالبسملة.
الثاني: أنها آية مستقلة أنزلت للتيمن والفصل بين السور، وأن قراءتها في الفاتحة جائزة بل مستحبة، ولا يسن الجهر بها. لحديث أنس قال: (صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلف أبي بكر وعمر وعثمان، وكانوا لا يجهرون ببسم الله الرحمن الرحيم) رواه النسائي وابن حبان والطحاوي بإسناد على شرط الصحيحين.
الثالث: أنها ليست بآية من الفاتحة ولا من غيرها، وأن قراءتها مكروهة سرا وجهرا في الفرض دون النافلة، وهذا المذهب ليس بالقوي.
وقد جمع ابن القيم بين المذهب الأول والثاني فقال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يجهر (ببسم الله الرحمن الرحيم) تارة، ويخفيها أكثر مما يجهر بها، ولا ريب أنه لم يجهر بها دائما في كل يوم وليلة خمس مرات أبدا، حضرا وسفرا، ويخفي ذلك على خلفائه الراشدين وعلى جمهور أصحابه وأهل بلده في الاعصار الفاضلة من لم يحسن فرض القراءة.
من لم يحسن فرض القراءة:
قال الخطابي: الأصل أن الصلاة لا تجزئ، إلا بقراءة فاتحة الكتاب، ومعقول أن قراءة فاتحة الكتاب على من أحسنها دون من لا يحسنها، فإذا كان المصلي لا يحسنها ويحسن غيرها من القرآن، كان عليه أن يقرأ منه قدر سبع آيات، لان أولى الذكر بعد الفاتحة ما كان مثلها من القرآن، وإن كان ليس في وسعه أن يتعلم شيئا من القرآن، لعجز في طبعه أو سوء في حفظه، أو عجمة في لسانه. أو عاهة تعرض له، كان أولى الذكر بعد القرآن ما علمه النبي صلى الله عليه وسلم، من التسبيح والتحميد والتهليل. وقد روي عنه صلى الله عليه