الاستواء يوم الجمعة، والنفل في الحرم المكي، فهذا كله مباح لا كراهة فيه.
والمالكية يرون في وقت الطلوع والغروب حرمة النوافل، ولو لها سبب، والمنذورة وسجدة التلاوة، وصلاة الجنازة، إلا إذا خيف عليها التغير فتجوز، وأباحوا الفرائض العينية، أداء وقضاء في هذين الوقتين، كما أباحوا الصلاة مطلقا، فرضا أو نفلا وقت الاستواء. قال الباجي في شرح الموطأ: وفي المبسوط عن ابن وهب: سئل مالك عن الصلاة نصف النهار فقال: أدركت الناس وهم يصلون يوم الجمعة نصف النهار، وقد جاء في بعض الأحاديث نهي عن ذلك، فأنا لا أنهى عنه للذي أدركت الناس عليه، ولا أحبه للنهي عنه. وأما الحنابلة فقد ذهبوا إلى عدم انعقاد النفل مطلقا في هذه الأوقات الثلاثة سواء كان له سبب أو لا، وسواء كان بمكة أو غيرها، وسواء كان يوم جمعة أو غيره، إلا تحية المسجد يوم الجمعة، فإنهم جوزوا فعلها بدون كراهة وقت الاستواء وأثناء الخطبة، وتحرم عندهم صلاة الجنازة في هذه الأوقات، إلا إن خيف عليها التغير فتجوز بلا كراهة. وأباحوا قضاء الفوائت، والصلاة المنذورة، وركعتي الطواف ولو نفلا في هذه الأوقات الثلاثة (1).
التطوع بعد طلوع الفجر وقبل صلاة الصبح عن يسار مولى ابن عمر قال: رآني ابن عمر وأنا أصلي بعد ما طلع الفجر فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج علينا ونحن نصلي هذه الساعة فقال: (ليبلغ شاهدكم غائبكم أن لا صلاة بعد الصبح إلا ركعتين). رواه أحمد وأبو داود. والحديث وإن كان ضعيفا، إلا أن له طرقا يقوي بعضها بعضا، فتنهض للاحتجاج بها على كراهة التطوع بعد طلوع الفجر بأكثر من ركعتي الفجر. أفاده الشوكاني، وذهب الحسن والشافعي وابن حزم إلى جواز التنفل مطلقا بلا كراهة، وقصر مالك الجواز لمن فاتته صلاة الليل لعذر، وذكر أنه بلغه: أن عبد الله بن عباس والقاسم بن محمد وعبد الله بن عامر بن ربيعة أوتروا بعد الفجر، وأن عبد الله بن مسعود قال: ما أبالي لو أقيمت صلاة الصبح وأنا أوتر. وعن يحيى بن سعيد أنه قال: كان عبادة بن الصامت يؤم