التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٨ - الصفحة ١١٧
وكاختلافهم في صفة المبشر به في التوراة، فقال بعضهم: هو يوشع بن نون.
وقال آخرون: بل هو منتظر لم يأت بعد. وكل ذلك قد دل القرآن على الحق فيه. وقيل: قد بين القرآن اختلافهم في من سلف من الأنبياء. وقيل: ان بني إسرائيل اختلفوا حتى لعن بعضهم بعضا كالإسماعيلية والعنانية والسامرة.
ثم وصف تعالى القرآن ب‍ " انه لهدى ورحمة للمؤمنين " معناه انه بيان للحق فيما وقع الاختلاف فيه من بني إسرائيل وغيرهم إذا رجعوا إليه علموا مفهومه، وانه من عند حكيم، لا يقول إلا بالحق، فالهدى الدلالة على طريق الحق الذي من سلكه أداه إلى الفوز بالنعيم في جنة الخلد، فالقرآن هدى من هذا الوجه، ورحمة للمؤمنين في تأديته إلى ما فيه من مرضات الله تعالى.
ثم خاطب نبيه صلى الله عليه وآله فقال * (ان ربك) * يا محمد * (يقضي بينهم بحكمه وهو العزيز العليم) * أي العزيز في انتقامه من المبطلين العليم بالمحق المبين منهم من المبطل. وقيل: العليم بصحة ما يقضي به العزيز بما لا يمكن رد قضائه، فهو يقضي بين المختلفين بما لا يمكن أن يرد ولا يلتبس بغير الحق.
وفى الآية تسلية للمحقين الذين خولفوا في أمر الدين، لان أمرهم يؤول إلى أن يحكم بينهم رب العالمين بمالا يمكن دفعه ولا تلبيسه.
ثم خاطب بينه صلى الله عليه وآله فقال * (فتوكل على الله) * يا محمد * (انك على الحق المبين) * الظاهر البين في ما تدعو إليه، ثم شبه الكفار بالموتى الذين لا يسمعون ما يقال لهم، وبالصم الذين لا يدركون دعاء من يدعوهم، من حيث إنهم لم ينتفعوا بدعائه ولم يصيروا إلى ما دعاهم إليه، فقال * (انك) * يا محمد * (لا تسمع الموتى) * لان ذلك محال * (ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولو مدبرين) * أي اعرضوا عن دعائك ولم يلتفتوا إليه ولم يفكروا في ما تدعوهم إليه، فهؤلاء الكفار بترك الفكر في ما يدعوهم
(١١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 112 113 114 115 116 117 118 119 120 121 122 ... » »»
الفهرست