والضلالة الذهاب عن طريق الصواب وهو الهلاك بالذهاب عنه. وإنما شبه الله تعالى الكفار بأنهم عمي، لأنهم من حيث لم يهتدوا إلى الحق، ولم يصيروا إليه فكأنهم عمي، وإنما نفى أن يهديهم إلى الحق بأن يحملهم عليه أو يجبرهم عليه، ولم ينتف أن يكون هاديا لهم بالدعاء إليه، ويبين لهم الحق فيه.
وقوله " ان تسمع إلا من يؤمن بآياتنا " معناه لا تسمع إلا من يطلب الحق بالنظر في آياتنا ولا يلبث أن يسلم، لان الدلائل تظهر له، وعقله يخاصمه حتى يقول بالحق ويعتقده. وإنما قال إنه يسمع المؤمنين، من حيث أنهم الذين ينتفعون به ويسلمون له.
وقوله " وإذا وقع القول عليهم " قال قتادة: معناه وجب الغضب عليهم.
وقال مجاهد: حق القول عليهم بأنهم لا يؤمنون. وقيل: معناه إذا وقع القول عليهم بأنهم قد صاروا إلى منزلة من لا يفلح أحد منهم ولا أحد بسببهم، أخذوا حينئذ بمنادي العقاب باظهار البراءة منهم. وقال ابن عمر، وعطية: إذا لم يأمر الناس بالمعروف وينهوا عن المنكر تخرج الدابة. وقيل: انها تخرج من بين الصفا والمروة. وروى محمد بن كعب القرطي عن علي (عليه السلام) انه سئل عن الدابة، فقال: (اما والله مالها ذنب وإن لها لحية) وفي هذا القول منه (ع) إشارة إلى أنه من ابن آدم. وقال ابن عباس: دابة من دواب الله لها زغب وريش لها أربعة قوائم. وقال ابن عمر: انها تخرج حتى يبلغ رأسها الغيم، فيراها جميع الخلق. ومعنى " تكلمهم " قيل فيه قولان:
أحدهما - تكلمهم بما يسوؤهم من أنهم صائرون إلى النار، من الكلام بلسان الآدميين الذي يفهمونه ويعرفون معناه، فتخاطب واحدا واحدا، فتقول له: يا مؤمن يا كافر. وقيل " تكلمهم بأن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون "