غير المقتص منه. هلم واعجب.
وكأن الخليفة في آرائه هذه الخاصة به كان ذاهلا عن قوله هو: احذروا هذا الرأي على الدين فإنما كان الرأي من رسول الله مصيبا لأن الله كان يريه، وإنما هو ههنا تكلف وظن، وإن الظن لا يغني من الحق شيئا (1) 63 رأي الخليفة في العجم روى مالك - إمام المالكية - عن الثقة عنده أنه سمع سعيد بن المسيب يقول:
أبى عمر بن الخطاب أن يورث أحدا من الأعاجم إلا أحدا ولد في العرب.
قال مالك: وإن جاءت امرأة حامل من أرض العدو فوضعته في أرض العرب فهو ولدها يرثها إن ماتت، وترثه إن مات، ميراثها في كتاب الله. (الموطأ 2 ص 12) قال الأميني. هذا حكم حدت إليه العصبية المحضة، وإن التوارث بين المسلمين عامة عربا كانوا أو أعاجم أينما ولدوا وحيثما قطنوا من ضروريات دين الاسلام، وعليه نصوص الكتاب والسنة، فعمومات الكتاب لم تخصص، وليس من شروط التوارث الولادة في أرض العرب ولا العروبة من شروط الاسلام، وهذه العصبية إلى أمثالها في موارد لا تحصى هي التي تفكك عرى الاجتماع، وتشتت شمل المسلمين، وإنما المسلمون كأسنان المشط لا تفاضل بينهم إلا بالتقوى، والله سبحان يقول: إنما المؤمنون إخوة. ويقول: إن أكرمكم عند الله أتقاكم. ويقول: ولو جعلناه قرآنا أعجميا لقالوا لولا فصلت آياته أأعجمي وعربي. وهذا هتاف النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم من خطبة له يوم الحج الأكبر في ذلك المحتشد الرحيب بقوله:
أيها الناس! إنما المؤمنون إخوة، ولا يحل لامرئ مال أخيه إلا عن طيب نفس منه، الأهل بلغت؟ اللهم اشهد؟ فلا ترجعن بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض، فإني قد تركت فيكم ما إن أخذتم به لم تضلوا بعده: كتاب الله، ألا هل بلغت؟ اللهم اشهد.
أيها الناس! إن ربكم واحد، وإن أباكم واحد، كلكم لآدم، وآدم من تراب، أكرمكم عند الله أتقاكم، وليس لعربي على عجمي فضل إلا بالتقوى ألا هل بلغت؟ اللهم