بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١ - الصفحة ١٥٣
بيان: الزرقة في العين معروفة، وقد تطلق على العمى، ويقال: زرقت عينه نحوي:
انقلبت وظهر بياضها (1) فعلى الأول: لعل المراد بيان شؤمتها فإن العرب تتشأم بزرقة العين أو قبح منظرها وعلى الثاني ظاهر، وعلى الثالث كناية عن شدة الغضب، و الأول أظهر. وويح: كلمة ترحم وتوجع يقال لمن وقع في هلكة لا يستحقها، وقد يقال بمعنى المدح والتعجب (2). وهي منصوبة على المصدر، وقد ترفع.
يا هشام إن ضوء الجسد في عينه فإن كان البصر مضيئا استضاء الجسد كله، و إن ضوء الروح العقل، فإذا كان العبد عاقلا كان عالما بربه، وإذا كان عالما بربه أبصر دينه، وإن كان جاهلا بربه لم يقم له دين، وكما لا يقوم الجسد إلا بالنفس الحية فكذلك لا يقوم الدين إلا بالنية الصادقة، ولا تثبت النية الصادقة إلا بالعقل.
يا هشام إن الزرع ينبت في السهل، ولا ينبت في الصفا، فكذلك الحكمة تعمر في قلب المتواضع ولا تعمر في قلب المتكبر الجبار لان الله جعل التواضع آلة العقل، و جعل التكبر من آلة الجهل، ألم تعلم أن من شمخ إلى السقف برأسه شجه؟ ومن خفض رأسه استظل تحته وأكنه؟ فكذلك من لم يتواضع لله خفضه الله، ومن تواضع لله رفعه.
بيان: السهل: الأرض اللينة التي تقبل الزرع، والصفا جمع صفاة: وهي الحجر الصلب الذي لا ينبت. وتعمر بفتح التاء والميم أي تعيش طويلا، أو بضم الميم أي تجعل القلب معمورا، وبضم التاء وفتح الميم أي تصير الحكمة في القلب معمورة.
وشمخ أي طال وعلا. وشج رأسه أي كسره. والخفض: ضد الرفع، وأكنه أي ستره وحفظه عن الحر والبرد.
يا هشام ما أقبح الفقر بعد الغنى (3) وأقبح الخطيئة بعد النسك، وأقبح من

(١) وقد يطلق على شدة العداوة. يقال: عدو أزرق: شديد العداوة، وذلك أن زرقة العيون غالبة في الروم والديلم، وكانت بينهم وبين العرب عداوة شديدة فسموا كل عدو بذلك.
(٢) وقيل: إنها تأتي أيضا بمعنى ويل. تقول: ويح لزيد وويحا لزيد وويحه.
(٣) المراد بالفقر إما الفقر المعنوي، أي ما أقبح للرجل أن تكون له فضائل نفسية وخلق كريمة، أو عقائد حقة وملة مرضية ثم يتركها ويستخلف منها الخصال المذمومة والأخلاق الرذيلة أو العقائد الباطلة فيكون مآل أمره إلى الخسران ومرجعه إلى الفناء، أو المراد منه الفقر المادي أي ما أقبح للرجل أن يكون ذا ثروة ومال، ثم يترفها ويسرفها ويصرفها في ما لا يصلح به دنياه ولا يثاب به في عقباه، فيصير فقيرا ويصبح إلى أقرانه محتاجا.
(١٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 148 149 150 151 152 153 154 155 156 157 158 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 خطبة الكتاب 1
3 مقدمة المؤلف 2
4 مصادر الكتاب 6
5 توثيق المصادر 26
6 رموز الكتاب 46
7 تلخيص الأسانيد 48
8 المفردات المشتركة 57
9 بعض المطالب المذكورة في مفتتح المصادر 62
10 فهرست الكتب 79
11 * (كتاب العقل والعلم والجهل) * باب 1 فضل العقل وذم الجهل، وفيه 53 حديثا. 81
12 باب 2 حقيقة العقل وكيفية وبدء خلقه، وفيه 14 حديثا. 96
13 بيان ماهية العقل. 99
14 باب 3 احتجاج الله تعالى على الناس بالعقل وأنه يحاسبهم على قدر عقولهم، وفيه خمسة أحاديث. 105
15 باب 4 علامات العقل وجنوده، وفيه 52 حديثا. 106
16 باب 5 النوادر، وفيه حديثان. 161
17 * (كتاب العلم) * باب 1 فرض العلم، ووجوب طلبه، والحث عليه، وثواب العالم والمتعلم، وفيه 112 حديثا. 162
18 باب 2 أصناف الناس في العلم وفضل حب العلماء، وفيه 20 حديثا 186
19 باب 3 سؤال العالم وتذاكره وإتيان بابه، وفيه سبعة أحاديث. 196
20 باب 4 مذاكرة العلم، ومجالسة العلماء، والحضور في مجالس العلم، وذم مخالطة الجهال، وفيه 38 حديثا. 198
21 باب 5 العمل بغير علم، وفيه 12 حديثا. 206
22 باب 6 العلوم التي أمر الناس بتحصيلها وينفعهم، وفيه تفسير الحكمة، وفيه 62 حديثا. 209
23 باب 7 آداب طلب العلم وأحكامه، وفيه 19 حديثا. 221