البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٦ - الصفحة ٢١٠
نقض عقد الربا فيجب ذلك حقا لله تعالى، وإنما الذي يجب حقا للشر رد عين الربا إن كان قائما لا رد ضمانه، انتهى ما في القنية. وهو محرم بالكتاب والسنة والاجماع. أما الكتاب فآيات منها * (وحرم الربا) * [البقرة: 572] والمراد به فيها الفضل وهو الزيادة ليتعلق التحريم به لأن الأحكام لا تتعلق إلا بفعل المكلفين. ومنها * (لا تأكلوا الربا) * [آل عمران: 031] والمراد منه فيه نفس الزائد في بيع الأموال الربوية عند بيع بعضها بجنسه. وفي المعراج:
ذكر الله لآكل الربا خمس عقوبات: أحدها التخبط قال تعالى * (لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس) * [البقرة: 572] قيل في معناه تنتفخ بطنه يوم القيامة فيصير لا تحمله قدماه فيصير كلما قام سقط بمنزلة من أصابه المس، ويؤيده الحديث يملا بطنه نارا بقدر ما أكل من الربا والمراد به الافتضاح على رؤوس الاشهاد كما في حديث آخر ينصب لواء يوم القيامة لآكلي الربا فيجتمعون تحته ثم يساقون إلى النار والثاني المحق قال الله تعالى * (يمحق الله الربا) * [البقرة: 672] والمراد الهلاك والاستئصال، وقيل ذهاب البركة والاستمتاع حتى لا ينتفع هو به ولا ولده من بعده. والثالث الحرب قال الله تعالى * (فآذنوا بحرب من الله ورسوله) * [البقرة: 972] المعنى في القراءة بالمد اعلموا الناس يا أكلة الربا أنكم حرب الله ورسوله بمنزلة قطاع الطريق، وفي قراءة بغير المد أي اعلموا أن أكلة الربا حرب لله. الرابع الكفر قال الله تعالى * (وذروا ما بقي من الربا أن كنتم مؤمنين) * [البقرة:
872] وقال * (والله يحب كل كفار أثيم) * أي كفار باستحلال الربا والخامس الخلود في النار قال تعالى * (ومن عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون) * [البقرة: 572] يؤيده قوله صلى الله عليه وسلم كل درهم واحد من الربا أشد من ثلاث وثلاثين زنية يزنيها الرجل ومن نبت لحمه من الحرام فالنار أولى به والمقصود من كتاب البيوع بيان الحلال الذي هو بيع شرعا والحرام الذي هو ربا ولهذا قيل لمحمد: لا تصنف في الزهد شيئا؟ قال: صنفت كتاب البيوع وليس الزهد إلا اجتناب الحرام والرغبة في الحلال، كذا في المبسوط. وأما السنة فأكثر من أن تحصى ال الإمام الأسبيجابي: اتفقوا على أنه إذا أنكر ربا النساء يكفر وفي ربا الفضل في القدر اختلاف فإن ابن عباس رضي الله تعالى عنه لا يرى الربا إلا في النسيئة للحديث إنما الربا في النسيئة وكلمة إنما للحصر إلا أن عامة الصحابة احتجوا بأحاديث. والجواب عن تعلق ابن عباس أنه منصرف إلى ما ليس بمكيل ولا موزون لقوله آخره إلا ما كيل أو وزن على أن ابن عباس رجع عن هذا القول، فإن لم يثبت رجوعه فاجماع التابعين به يرفعه ا ه‍. ما في المعراج. وفي الخلاصة: لو قضى بجواز بيع الدرهم بالدرهمين يدا بيد بأعيانهما أخذا
(٢١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 205 206 207 208 209 210 211 212 213 214 215 ... » »»
الفهرست