البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ١ - الصفحة ٥٩٠
تترتب الفاتحة على السورة، وهذا خلا ف الموضوع بخلاف ما إذا ترك السورة لأنه أمكن قضاؤها على الوجه المشروع. وهذه المسألة مربعة فالقول الثالث ما رواه الحسن عن أبي حنيفة أنه يقضيهما. وقال عيسى بن أبان: يقضي الفاتحة دون السورة لأنها أهم الامرين. وفي تعبيره بالخبر في قوله قرأها تبعا للجامع الصغير إشارة إلى الوجوب لأن الاخبار في الوجوب آكد من الامر. وصرح في الأصل بالاستحباب فإنه قال: أحب إلى أن يقضي السورة في الأخريين. وإنما كان مستحبا لأنه لا يمكن مراعاتها من كل وجه في القضاء لأنها وإن كانت مؤخرة عن الفاتحة فهي غير موصولة بها لأن السورة في الشفع الثاني والفاتحة في الأول. وفي غاية البيان: والأصح ما قاله في الجامع الصغير لأنه آخر التصنيفين. وفي فتح القدير: ولا يخفى أن ما في الأصل أصرح فيجب التعويل عليه في الرواية اه‍. وقد يقال أيضا: إن الاخبار إنما يكون آكد من الامر أن لو كان من الشارع، أما من الفقهاء فلا يدل على الوجوب بل والامر منهم لا يدل عليه فكان المذهب الاستحباب. ثم ظاهر الكتاب أنه يجهر بالسورة والفاتحة وجعله الشارح ظاهر الرواية وصححه في الهداية لأن الجمع بين الجهر والمخافتة في ركعة شنيع وتغيير النفل وهو الفاتحة أولى. وصحح التمرتاشي أنه يجهر بالسورة فقط وجعله شيخ الاسلام الظاهر من الجواب، وفخر الاسلام الصواب قولا بعدم التغيير.
ولا يلزم الجمع بينهما في ركعة لأن السورة تلتحق بموضعها تقديرا ولم يبين كيف يرتبهما، فقيل يقدم السورة، وقيل الفاتحة وينبغي ترجيحه. وفي قوله مع الفاتحة إشارة إلى أنه إذا أراد قضاء السورة ليس له ترك الفاتحة فتصير واجبة كالسورة وفيه قولان، وينبغي ترجيح عدم الوجوب كما هو الأصل فيها. وقيد بكونه ترك الفاتحة في الأوليين لأنه لو نسي الفاتحة من الركعة الأولى أو الثانية وقرأ السورة ثم تذكر قبل الركوع فإنه يأتي بها ويعيد السورة في ظاهر المذهب لأنه إذا أتى بها تكون فرضا كالسورة فصار كما لو تذكر السورة في الركوع فإنه يأتي بها ويعيد الركوع.
(٥٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 585 586 587 588 589 590 591 592 593 594 595 ... » »»
الفهرست