فالمراد من الاجماع المتقدم اتفاق أبي حنيفة وصاحبيه على الصحيح. وصحح في البدائع جواب ظاهر الرواية مستدلا بقوله صلى الله عليه وسلم إنا معاشر الأنبياء أمرنا أن نضع أيماننا على شمائلنا في الصلاة من غير فصل بين حال وحال فهو على العموم إلا ما خص بدليل. وذكر الشارح أنه لا يضع في تكبيرات العيد، وعند بعضهم أنه سنة القيام مطلقا حتى يضع في الكل. وحكى في البدائع اختلاف المشاية في الوضع فيما بين التكبيرات.
قوله (مستفتحا) هو حال من الوضع أي يضع قائلا سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك. وقد تقدم أنه سنة لرواية الجماعة أنه كان صلى الله عليه وسلم يقوله إذا افتتح الصلاة. أطلقه فأفاد أنه يأتي به كل مصل، إماما كان أو مأموما أو منفردا لكن قالوا:
المسبوق لا يأتي به إذا كان الإمام يجهر بالقراءة للاستماع وصححه في الذخيرة. ثم سبحان في الأصل مصدر كغفران وهو لا يكاد يستعمل إلا مضافا منصوبا بإضمار فعله وجوابا، فمعنى سبحانك أسبحك تسبيحا أي أنزهك تنزيها. وقيل اعتقد نزاهتك عن كل صفة لا تليق بك. وبحمدك أي نحمدك بحمدك فهو في المعنى عطف الجملة على الجملة فحذفت الثانية كالأولى، وأبقى حرف العطف داخلا على متعلقها مرادا به الدلالة على الحالية من الفاعل فهو في موضع نصب على الحال منه فكأنه إنما أبقى ليشعر بأنه قد كان هنا حملة طوي ذكرها إيجازا على أنه لو قيل بحمدك بلا حرف العطف كان جائزا صوابا كما روي عن أبي حنيفة لأنه لا يخل بالمعنى المقصود. والحاصل أنه نفى بقوله: سبحانك صفات النقص، وأثبت بقوله بحمدك صفات الكمال لأن الحمد إظهار الصفات الكمالية. ومن هنا يظهر وجه تقديم التسبيح على التحميد. وتبارك لا يتصرف فيه ولا يستعمل إلا لله تعالى. ذكره القاضي البيضاوي.