الوجوب في كلامهم بمعنى الثبوت أطلق فشمل الصلاة الجهرية والسرية فما في منية المصلي من أن الإمام إذا جهر لا يأتي بها وإذا خافت يأتي بها غلط فاحش مخالف لكل الروايات. وقوله في كل ركعة أفي ابتداء كل ركعة فلا تسن التسمية بين الفاتحة والسورة مطلقا عندهما. وقال محمد: تسن إذا خافت لا إن جهر. وصحح في البدائع قولهما. والخلاف في الاستنان أما عدم الكراهة فمتفق عليه ولهذا صرح في الذخيرة والمجتبى بأنه إن سمى بين الفاتحة والسورة كان حسنا عند أبي حنيفة، سواء كانت تلك السورة مقروءة سرا أو جهرا. ورجحه المحقق ابن الهمام وتلميذه الحلبي لشبهة الاختلاف في كونها آية من كل سورة وإن كانت الشبهة في ذلك دون الشبهة الناشئة من الاختلاف في كونها آية من الفاتحة. وما في القنية من أنه يلزمه سجود السهو بتركها بين الفاتحة والسورة فبعيد جدا كما أن قول من قال لا يسمي إلا في الركعة الأولى قول غير صحيح، بل قال الزاهدي: أنه غلط على أصحابنا غلطا فاحشا. وفي ذكر التسمية بعد التعوذ إشارة إلى محلها فلو سمى قبل التعوذ أعادها بعده لعدم وقوعها في محلها، ولو نسيها حتى فرغ من الفاتحة لا يسمي لأجل فوات محلها.
قوله (وهي آية من القرآن أنزلت للفصل بين السور ليست من الفاتحة ولا من كل سورة) بيان للأصح من الأقوال كما في المحيط وغيره ورد للقولين الآخرين: أحدهما أنها ليست قرآنا وهو قول بعض مشايخنا لاختلاف العلماء والاخبار فيها فأورث شبهة. ثانيهما أنها من الفاتحة ومن كل سورة ونسب إلى الشافعي ووجه الأصح إجماعهم على كتابتها مع الامر بتجريد المصحف وقد تواترت فيه، وهو دليل تواتر كونها قرآنا، وبه اندفعت الشبهة للاختلاف، وإنما لم يحكم بكفر منكرها لأن إنكار القطعي لا يوجب الكفر إلا إذا لم يثبت فيه