البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ١ - الصفحة ٤٠٠
التغليظ لا يشترط أن يكون قطعيا. وأما قول صاحب الهداية بعد ذكر النجاسات الغليظة لأنها ثبتت بدليل مقطوع به فقال في فتح القدير: معناه مقطوع بوجوب العمل به فالعمل بالظني واجب قطعا في الفروع وإن كان نفس وجوب مقتضاه ظنيا والأولى أن يريد دليل الاجماع ا ه‍.
وفي العناية: المراد بالدليل القطعي أن يكون سالما من الأسباب الموجبة للتخفيف من تعارض النصين وتجاذب الاجتهاد والضرورات المخففة ا ه‍. وأشار بخرء الدجاج إلى خرء كل طير لا يذرق في الهواء كالدجاج والبط لوجود معنى النجاسة فيه وهو كونه مستقذرا لتغييره إلى نتن وفساد رائحة فأشبه العذرة. وفي الإوز عن أبي حنيفة روايتان، روى أبو يوسف عنه أنه ليس بنجس، وروى الحسن عنه أنه نجس. كذا في البدائع. وفي البزازية:
وخرء البط إذا كان يعيش بين الناس ولا يطير فكالدجاج، وإن كان يطير ولا يعيش بين الناس فكالحمامة، وقيد به لأن خرء الطيور التي تذرق في الهواء نوعان: فما يؤكل لحمه كالحمام والعصفور فقد تقدم في بحث الآبار أنه طاهر، وما لا يؤكل لحمه كالصقر والبازي والحدأة فسيذكر أنه مخفف وفيه خلاف نبينه إن شاء الله تعالى. وصرح ببول ما لا يؤكل لحمه مع كونه داخلا في عموم البول لئلا يتوهم أن المراد بالبول بول الآدمي ولا خلاف في نجاسته، وإنما الخلاف في بول ما يؤكل لحمه كما سيأتي. وأشار بالروث والخثي إلى نجاسة خرء كل حيوان غير الطيور، فالروث للحمار والفرس، والخثي للبقر، والبعر للإبل، والغائط للآدمي، ولا خلاف في تغليظ غائط الآدمي ونجو الكلب ورجيع السباع واختلفوا فيما عداه، فعنده غليظة لقوله عليه السلام في الروثة إنها ركس أي نجس ولم يعارض، وعندهما خفيفة فإن مالكا يرى طهارتها ولعموم البلوى لامتلاء الطرق بخلاف بول الحمار وغيره مما لا يؤكل لحمه لأن الأرض تنشفه حتى رجع محمد آخر إلى أنه لا يمنع الروث وإن فحش لما دخل الري مع الخليفة ورأي بلوى الناس من امتلاء الطرق والخانات بها. وقاس المشايخ على قوله هذا طين بخارى لأن مشي الناس والدواب فيها واحد، وعند ذلك يروي رجوعه في الخف حتى إذا أصابته عذرة يطهر بالدلك وفي الروث لا يحتاج إلى الدلك عنده.
ولأبي حنيفة أن الموجب للعمل النص لا الخلاف والبلوى في النعال وقد ظهر أثرها حتى طهرت بالدلك، فإثبات أمر زائد على ذلك يكون بغير موجب، وما قيل إن البلوى لا تعتبر في موضع النص عنده كبول الانسان فممنوع، بل تعتبر إذا تحققت بالنص النافي للحرج وهو ليس معارضة للنص بالرأي. كذا في فتح القدير.
وفي الظهيرية: والشعير الذي يوجد في بعر الإبل والشاة يغسل ويؤكل بخلاف ما يوجد في خثي البقر لأنه لا صلابة فيه. خبز وجد في خلاله خرء الفأرة فإن كان صلبا يرمى
(٤٠٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 395 396 397 398 399 400 401 402 403 404 405 ... » »»
الفهرست