سنة تنوب عن الفرض كالفاتحة فإنها واجبة تنوب عن الفرض واختاره في الكافي. وقال السرخسي: إنه سنة لا ينوب عن الفرض فيعيد غسلهما ظاهرهما وباطنهما قال: وهو الأصح عندي. واستشكله في الذخيرة بأن المقصود هو التطهير فبأي طريق حصل حصل المقصود، وظاهر كلام المشايخ أن المذهب الأول. واختلف في أن غسلهما قبل الاستنجاء أو بعده، فقيل سنة قبله فقط، وقيل بعده فقط، وقيل قبله وبعده وإليه ذهب الأكثر كما صرح به في المجتبى، وصححه قاضي خان في الفتاوى وفي النهاية. ويستدل له بأن جميع من حكى وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم غسل اليدين، وأما سنيته قبله فيما رواه الجماعة من حديث ميمونة في صفة غسله وفيه أنها حكت غسل اليدين قبل الاستنجاء وحكمته قبله المبالغة في إزالة رائحة ما يصيبهما وأورد أن المصاب اليد اليسرى فينبغي الاقتصار عليها وتخصيصه بما إذا تغوط. وأجيب بما في الأصول من أن الحكمة تراعى في الجنس ولا يلزم وجودها في كل فرد. ثم أعلم أن الابتداء بغسل اليدين واجب إذا كانت النجاسة محققة فيهما وسنة عند ابتداء الوضوء كما ذكرنا، وسنة مؤكدة عند توهم النجاسة كما استيقظ من النوم، فعلم بهذا أن قيد الاستيقاظ الواقع في الهداية وغيرها اتفاقي لأن من حكى وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم كحمران مولى عثمان بن عفان وغيره قدم فيه البداءة بغسل اليدين من غير تقييد بكونه عن نوم، وعلل له في الهداية بأن اليدين آلة التطهير فيبدأ بتنظيفهما وأورد عليه بأن هذا يقتضي الوجوب، لأنه ما لا يتوصل إلى الواجب إلا به فهو واجب. وأجيب بأن هنا مانعا من القول بالوجوب وهو طهارتهما حقيقة وحكما فكأن الغسل إلى الرسغين لأنه يكفي في حصول المقصود وهو تنظيف الآلة. وعلم بما قررناه أيضا أن ما في شرح المجمع من أن السنة في غسل اليدين للمستيقظ مقيدة بأن يكون نام غير مستنج أو كان على بدنه نجاسة حتى لو لم يكن كذلك لا يسن في حقه ضعيف، أو المراد نفي السنة المؤكدة لا أصلها. وكيفية غسلهما كما ذكر في الشروح أنه إن كان الاناء صغيرا بحيث يمكن رفعه لا يدخل يده فيه بل يرفعه
(٣٧)