البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ١ - الصفحة ٤٤
لصيرورة الماء مستعملا، ولا يخفى أن نفي الجواز في المسألتين بمعنى نفي الاجزاء في تحصيل السنة لا بمعنى الحرمة لما أن أصلهما سنة، أو تحمل على المضمضة والاستنشاق في الغسل الواجب، وقالوا: المضمضة والاستنشاق سنتان مشتملتان على سنن منها تقديم المضمضة على الاستنشاق بالاجماع، ومنها التثليث في حق كل واحد بالاجماع، وأخذ ماء جديد في التثليث سنة عندنا وعند الشافعي بماء واحد، وأخذ ماء جديد لكل واحد منهما سنة عندنا، وعند الشافعي لهما ماء واحد، وإزالة المخاط باليد اليسرى. كذا في المعراج. وفي البدائع والمبسوط: وفعلهما باليمين سنة. وفي المنية أنه يستنشق باليسرى. وفي المعراج: ترك التكرار لا يكره مع الامكان. قال أستاذنا: يتبين من هذا أن من عنده ماء يكفي للغسل مرة مع المضمضة والاستنشاق أو ثلاثا بدونهما يغسل مرة معهما. وفي السراج: إنهما سنتان مؤكدتان، فإن ترك المضمضة والاستنشاق أثم على الصحيح ا ه‍. ولا يخفى أن الاثم منوط بترك الواجب، ويمكن الجواب مما قالوه من أن السنة المؤكدة في قوة الواجب ودليل سنيتهما المواظبة كما في الهداية. وفي غاية البيان يعني مع الترك أحيانا وإلا كانتا واجبتين. وقد علمت مما قدمناه أن المواظبة من غير ترك لا تفيد الوجوب وجميع من حكى وضوءه عليه السلام اثنان وعشرون صحابيا كلهم ذكروهما فيه كما في فتح القدير. وفي نسخة شرح عليها مسكين غسل فمه وأنفه بمياه وقال: قوله بمياه متعلق بكل واحد والذي في الوافي غسل فمه بمياه وأنفه بمياه وهو أولى مما في الكنز ليدل على تجديد الماء في كل منهما، وقد جاء مصرحا به في حديث الطبراني من قوله فمضمض ثلاثا واستنشق ثلاثا يأخذ لكل مرة ماء جديدا ورواه أبو داود وسكت فكان حجة. وما ورد مما ظاهره المخالفة فمحمول على الموافقة كما في فتح القدير. وفي السراج الوهاج: ولو تمضمض ثلاثا من غرفة واحدة لم يصر آتيا
(٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 ... » »»
الفهرست