البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ١ - الصفحة ٢٤٨
العلماء فيما إذ لم يكن معه ثمن الماء بين إمكان أخذه بثمن مؤجل بالحيلة على ذلك أو لا، بل أطلقوا جواز التيمم إذ ذاك. فما أطلقه بعض المشايخ من عدم جواز التيمم في هذا الزمان بناء على أن أجر الحمام يؤخذ بعد الدخول فيتعلل بالعسرة بعده فيه نظر. كذا في فتح القدير. ولا شك في هذا فيما يظهر لأنه تغرير لم يأذن الشرع فيه، ومن ادعى إباحته فضلا عن تعيينه فعليه البيان. ولا يخفى أن مراد المحقق في فتح القدير من قوله ليس معه مال أنه لا مال له غائب أيضا فحينئذ لا يلزمه الشراء بالنسيئة، أما إذا لم يكن معه مال وله مال غائب فإنه يلزمه الشراء بالنسيئة كما أشار إليه شارح منية المصلي تلميذ المحقق وفي المبتغى الغين المعجمة: أجير لا يجد الماء إن علم أنه يجده في نصف ميل لا يعذر في التيمم، وإن لم يأذن له المستأجر يتيمم ويصلي ثم يعيد ولو صلى صلاة أخرى وهو يذكر هذه تفسد ا ه‍.
قوله (أو خوف عدو أو سبع أو عطش أو فقد آلة) يعني يجوز التيمم لهذه الاعذار لأن الماء معدوم معنى لا صورة، أما إذا كان بينه وبين الماء عدو آدميا أو غيره يخاف على نفسه إذا أتاه فلان إلقاء النفس في التهلكة حرام فيتحقق العجز عن استعمال الماء، وسواء خاف على نفسه أو ماله. كذا في العناية. وفي المبتغى: ولو كان عنده أمانة يخاف عليها إن ذهب إلى الماء يتيمم. وفي التوشيح: إذا خافت المرأة على نفسها بأن كان الماء عند فاسق أو خاف المديون المفلس من الحبس بأن كان صاحب الدين عند الماء. وفي الخلاصة وفتاوى قاضيخان وغيرهما: الأسير في يد العدو إذا منعه الكافر عن الوضوء والصلاة يتيمم ويصلي بالايماء ثم يعيد إذا خرج، وكذا لو قال لعبده إن توضأت حبستك أو قتلتك فإنه يصلي بالتيمم ثم يعيد كالمحبوس لأن طهارة التيمم لم تظهر في منع وجوب الإعادة. وفي التجنيس: رجل أراد أن يتوضأ فمنعه إنسان عن أن يتوضأ بوعيد، قيل ينبغي أن يتيمم ويصلي ثم يعيد الصلاة بعد ما زال عنه لأن هذ عذر جاء من قبل العباد فلا يسقط فرض الوضوء عنه ا ه‍. فعلم منه أن العذر إن كان من قبل الله تعالى لا تجب الإعادة، وإن كان من قبل العبد وجبت الإعادة. ثم وقع الاختلاف في الخوف من العدو هل هو من الله فلا تجب الإعادة. أو هو بسبب العبد فتجب الإعادة؟ ذهب صاحب معراج الدراية إلى الأول، وذهب صاحب النهاية إلى الثاني، والذي يظهر ترجيح ما في النهاية لما نقلناه من مسألة منع السيد عبده بوعيد من الحبس أو
(٢٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 243 244 245 246 247 248 249 250 251 252 253 ... » »»
الفهرست