البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ١ - الصفحة ٢٤٩
القتل فإنه ليس فيه إلا الخوف لا المنع الحسي، وكذا ظاهر ما نقلناه عن التنجيس كما لا يخفى لكن قد يقال لا مخالفة بين ما في النهاية والدراية، فإن ما في النهاية محمول على ما إذا حصل وعيد من العبد نشأ منه الخوف فكان هذا من قبل العباد، وما في الدراية محمول على ما إذا لم يحصل وعيد من العبد أصلا بل حصل خوف منه فكان هذا من قبل الله تعالى إذا لم يتقدمه وعيد بدليل أن صاحب الدراية ذكر مسألة الخوف في الأسير بدار الحرب، وبه يندفع ما ذكره في فتح القدير من أن صاحب الدراية نص على مخالفة ما في النهاية كما لا يخفى. ثم بعد هذا رأيت العلامة ابن أمير حاج صرح بما فهمته فقال: وتحرر أن المراد بالخوف من العدو الخوف الذي لم ينشأ عن وعيد من قادر عليه ونحو ذلك كما في الخوف من السبع، ولا بأس بأن يكون مرادهم ذلك. وإنما نسب هذا الخوف إلى الله تعالى في هذه الصورة مع أن فيها وفي غيرها منه تعالى أيضا خلقا وإرادة لتجرده في هذه الصورة عن مباشرة سبب له من الغير في حق الخائف. وفي المحيط: ولو حبس في السفر تيمم وصلى أو لا يعيد لأنه انضم عذر السفر إلى العذر الحقيقي والغلب في السفر عدم الماء فتحقق العدم من كل وجه ا ه‍. وأما الماء المحتاج إليه للعطش فإنه مشغول بحاجته والمشغول بالحاجة كالمعدوم. وعطش رفيقه ودابته وكلبه لماشيته أو صيده في الحال أو ثاني الحال كعطشه، وسواء كان المحتاج إليه للعطش رفيقه المخالط له أو آخر من أهل القافلة، فإن امتنع صاحب الماء من ذلك وهو غير محتاج إليه للعطش وهناك مضطر إليه للعطش كان له أخذه منه قهرا وله أن يقاتله، فإن قتل أحدهما صاحبه إن كان المقتول صاحب الماء فدمه هدر ولا قصاص فيه ولا دية ولا كفارة، وإن كان المضطر فهو مضمون بالقصاص أو الدية والكفارة. وإن كان صاحب الماء محتاجا إليه للعطش فهو أولى به من غيره، فإن احتاج إليه الأجنبي للوضوء وكان مستغنيا عنه لم يلزمه بذله ولا يجوز للأجنبي أخذه منه قهرا. كذا في السراج الوهاج. وكذا الماء المحتاج إليه للعجين لما قلنا. وإن كان يحتاج إليه لاتخاذ المرقة لا يتيمم لأن حاجة الطبخ دون حاجة العطش، وأما جوازه بفقد الآلة فلتحقق العجز لأنه إذا لم يجد دلوا يستقي به فوجود البئر وعدمها سواء. ويشترط أن لا يمكنه إيصال ثوبه إليه، أما إذا أمكنه إيصال ثوبه ويخرج الماء قليلا بالبلل لا يجوز له التيمم. كذا في السراج الوهاج.
وفي الخلاصة: ولو كان معه منديل طاهر لا يجزئه التيمم وهذا يوافق فروعا ذكرها الشافعية، وهي أنه لو وجد بئرا فيها ماء ولا يمكنه النزول إليه وليس معه ما يدليه إلا ثوبه أو
(٢٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 244 245 246 247 248 249 250 251 252 253 254 ... » »»
الفهرست