المبسوط - السرخسي - ج ٢٦ - الصفحة ٦٦
لأولياء الضاربة دوه فقال أخوها عمران بن عويمر الأسلمي أيدي من لا صاح ولا استهل ولا شرب ولا أكل ومثل دمه بطل فقال عليه الصلاة والسلام أسجع كسجع الكهان وفى رواية دعني وأراجيز العرب قوموا فدوه الحديث ففيه تنصيص علي ايجاب الدية على القاتل ثم هو معقول المعنى من أوجه أحدها ان مثل هذا الفعل إنما يقصده القاتل بزيادة قوة له وذلك أنما يكون بالتناصر الظاهر بين الناس ولهذا التناصر أسباب منها ما يكون بين أهل الديوان باجتماعهم في الديوان ومنها ما يكون بين العشائر وأهل المحال وأهل الحرف فإنما يكون تمكن الفاعل من مباشرتهم بنصرتهم فيوجب المال عليهم ليكون زجرا لهم عن غلبة سفهائهم وبعثا لهم على الاخذ على أيدي سفهائهم لكيلا تقع مثل هذه الحادثة هذا في شبه العمد وكذلك في الخطأ لان مثل هذا الامر العظيم قلما يبتلى به المرء من غير قصد الا لضرب استهانة وقلة مبالاة تكون منه وذلك بنصره من ينصره ثم الدية مال عظيم وفي ايجاب الكل على القاتل إجحاف به فأوجب الشرع ذلك على العاقلة دفعا لضرر الاجحاف عن القاتل كما أوجب النفقة على الأقارب بطريق الصلة لدفع ضرر الحاجة ولهذا أوجب عليهم مؤجلا على وجه يقل ما يؤديه كل واحد منهم في كل نجم ليكون الاستيفاء في نهاية من التيسير عليهم ولان كل واحد منهم يخاف على نفسه أن يبتلى بمثل ذلك فهذا يواسي ذلك إذا ابتلي به وذلك يواسى هذا فيدفع ضرر الاجحاف من كل واحد منهم ويحصل معنى صيانة دم المقتول عن الهدر ومعنى الاعسار لورثته بحسب الامكان وبهذا يتبين أنا لا نجعل وزر أحد على غيره وإنما نوجب ما نوجبه على العاقلة بطريق الصلة في المواساة و بهذا لا نوجب ذلك أن كان المتلف مالا لان الواجب قل ما يعظم هناك بل يتقدر بقدر المتلف فلا يؤدى إلى الاجحاف بالمتلف ان لو ضن به وهذا لا نوجب القليل من الأرش وهو ما دون أرش الموضحة على العاقلة ومن موجب شبه العمد أيضا حرمان الميراث لأنه جزاء أصل الفعل وهو مالا يندرئ بالشبهات ومن موجبه الكفارة أيضا باعتبار هذا المعنى لأنه جزاء أصل الفعل وهو مما لا يندرى بالشبهات وبهذا ثبت في الخطأ المحض ففي شبه العمد أولى وأما الخطأ فهو ما أصبت مما كنت تعمدت غيره والخطأ نوعان أحدهما أن يقصد الرمي إلى صيد أو هدف أو كافر فيصيب مسلما فهذا خطأ من حيث إنه انعدم منه القصد إلي المحل الذي أصاب والثاني أن يرمى شخصا يظنه حربيا فإذا هو مسلم أو يظنه صيدا فإذا هو مسلم فهذا خطأ باعتبار ما في قصده وإن كان هو قاصدا إلي المحل الذي أصابه وحكم
(٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 ... » »»
الفهرست