المبسوط - السرخسي - ج ٢٦ - الصفحة ٦٨
الظهار وهو بناء علي أصله ان قياس المنصوص على المنصوص يجوز فان المطلق والمقيد في حادثتين يحمل أحدهما على الآخر وذلك غير جائز عندنا وموضع بيانه أصول الفقه فاما ما أجرى مجرى الخطأ على ما ذكره الرازي فهو النائم إذا انقلب على انسان فقتله وهذا ليس بعمد ولا خطأ لأنه لا تصور للقصد من النائم حتى يتصور منه ترك القصد أو ترك التحرز ولكن الانقلاب الموجب لتلف ما انقلب عليه يتحقق من النائم فيجرى هذا مجرى الخطأ حتى تجب الدية على عاقلته والكفارة ويثبت به حرمان الميراث ليوهم أن يكون متهاونا ولم يكن نائما قصدا منه إلى استعجال الميراث وأظهر من نفسه القصد إلى محل آخر فأما ما ليس بعمد ولا خطأ ولا أجرى مجرى الخطأ فهو حافر البئر وواضع الحجر في الطريق فليس بمباشر للقتل لان مباشرة القتل بايصال فعل من القاتل بالمقتول ولم يوجد وإنما اتصل فعله بالأرض فعرفنا انه ليس بقاتل عمد ولا شبه عمد ولا خطأ ولا ما أجرى مجرى الخطأ بل هو بسبب متعد فنوجب الدية علي عاقلته للحاجة إلى صيانة النفس المتلفة عن الهدر ولا يجب عليه الكفارة ولا يحرم الميراث على ما يأتيك بيانه في بابه قال وفي النفس الدية معناه بسبب اتلاف النفس فان حرف في للظرف حقيقة والنفس لا تكون ظرفا للدية بل قتلها سبب لوجوب الدية كما يقال في النكاح حل وفي الشراء ملك وهذا لقوله تعالى ودية مسلمة إلى أهله وقال عليه السلام في النفس مائة من الإبل وقال علي رضي الله عنه في النفس الدية ومالا يعرف بالرأي والمنقول عنه فيه كالمرفوع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وفى الانف الدية والحاصل ان مالا ثاني له في البدن من أعضاء أو معان مقصودة فاتلافها كاتلاف النفس في أنه يجب بها كمال الدية والأعضاء التي هي افراد ثلاثة الانف واللسان والذكر وذلك مروي في حديث سعيد ابن المسيب ان النبي عليه السلام قال في الانف الدية وفي اللسان الدية وفي الذكر الدية وهكذا روى عن علي بن أبي طالب ثم قطع الأنف تفويت جمال كامل ومنفعة كاملة وامتياز الآدمي من بين سائر الحيوانات فات بهما فتفويتهما في معنى تفويت النفس فكما تجب الدية بقطع جميع الانف بحيث يقطع المارن لان تفويت الجمال به يحصل وكذلك تفويت المنفعة لان المنفعة في الانف اجتماع الروائح في قصبة الانف لنقله منها إلى الدماغ وذلك تفويت بقطع المارن والمارن ما دون قصبة الانف وهو مالان منه وكذلك في اللسان الدية لان الآدمي قد امتاز من بين سائر الحيوانات باللسان وقد من الله تعالى به على عباده فقال تعالى خلق الانسان علمه البيان
(٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 ... » »»
الفهرست