المبسوط - السرخسي - ج ٢٦ - الصفحة ١٥٢
انسان فشلت بجنبها أخرى وهذا لان كل أصبع محل على حدة ووجوب الأرش بالفعل في أحد المحلين لا يمنع وجوب القصاص بالفعل في المحل الآخر وهنا المحل كله واحد فإذا خرج أخره من أن يكون موجبا للقصاص يخرج أوله من أن يكون موجبا فاما في العين إذا ذهب نورها بالضربة ولم تخسف فعليه القصاص وصورته أن تحمى له مرآة ثم تقرب منها حتى يذهب نورها ويربط على عينه الأخرى وعلي وجه قطن هكذا روى عن علي رضي الله عنه فان هذه الحادثة وقعت في زمن عثمان رضي الله عنه فشاور الصحابة في ذلك فلم يجد عندهم شيئا حتى قضى علي رضي الله عنه بالقصاص وبين طريق الاستيفاء بهذه الصفة فاتفقوا على قوله فأما إذا انخسفت أو قلعت الحدقة فلا قصاص فيها لأنه لا يتأنى اعتبار المماثلة في السن والمحل فهو بمنزلة كسر العظم وانه لا يتعلق به القصاص وإذا أحرق رجل رجلا بالنار فعليه القصاص لان النار تعمل عمل السلاح في تفريق الاجزاء والتأثير في الظاهر والباطن ثم يقتله المولى بالسيف عندنا وعند الشافعي يقتله بمثل ما قتله به والدليل على أنه لا يحرقه بالنار قوله عليه السلام لا يعذب بالنار الا ربها وقال لا تعذبوا بعذاب الله أحدا وإذا طعنه برمح لا سنان له فأجافه فمات فعليه القصاص لوجود الجرح في الظاهر والباطن وقد بينا أن غير الحديد إذا كان يعمل عمل الحديد في القطع والجرح فالفعل به يكون عمدا محضا وكذلك لو شق بطنه بعود أو ذبحه بقصبة فهو بمنزلة السلاح يجب القصاص به وفى مثقل الحديد والنحاس اختلاف الروايات كما بينا والكلام في القتل بالحجر والعصا قد تقدم وإذا غرق رجل رجلا في ماء فلا قصاص عليه وإن كان يعلم أنه لا ينقلب منه بلغنا ذلك عن عمر رضي الله عنه ومراده الحديث الذي روينا في كتاب الاكراه وعلى قول أبى يوسف ومحمد يجب عليه القصاص إذا جاء من ذلك ما يعلم أنه لا يعيش من مثله بمنزلة القتل بالحجر الكبير على قولهم ويعمدون فيه قول النبي عليه الصلاة والسلام من غرق غرقناه ومن حرق حرقناه ولكن أبو حنيفة قال هذا لا يثبت مرفوعا وإنما هذا كلام زياد ذكره في خطبه ألا ترى أنه قال فيه ومن قتل عبده قتلناه وبالإجماع من قتل عبده لا يقتل ثم الماء ليس في معنى السلاح (ألا ترى) انه لا يؤثر في تفريق الاجزاء في الظاهر فهو بمنزلة الحجر والعصا على قولهم يوضحه ان الغريق يجتذب الماء بنفسه فيكون كالمعين علي نفسه فيكون ذلك شبهة في اسقاط القود ولو خنق رجلا فمات أو طرحه في بئر أو ألقاه على ظهر جبل أو سطح فمات لم يكن فيه قصاص عند أبي حنيفة وعندهما إذا كان
(١٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 147 148 149 150 151 152 153 154 155 156 157 ... » »»
الفهرست