المبسوط - السرخسي - ج ٢٦ - الصفحة ١٤٧
يستوفى الأرش لعجزه عن استيفاء كمال حقه بدليل انه لو زال الشلل قبل أن يستوفى الأرش لم يكن له الا القصاص وقد فات محل حقه فلم يبق له شئ ولو قطعت أصبع من أصابع القاطع لغير قصاص لم يكن للمقطوعة يده الا انه يقطع ما بقي ولا أرش له بخلاف ما إذا قطعت أصبع من أصابعه في قصاص لان الإصبع جزء من اليد فيعتبر الجزء بالكل في الفصلين جميعا وإذا اقتص الرجل من الرجل في عضو أو شجة فمات المقتص منه من ذلك فديته على عاقلة المقتص له في قول أبي حنيفة وقال أبو يوسف ومحمد والشافعي لا شئ عليه والمسألة مختلفة بين الصحابة رضي الله عنهم كان عمر وعلى يقولان الحق قبله ولا شئ علي أحد وكان ابن مسعود يقول يضمن دية النفس ويسقط من ذلك أرش العضو الذي هو حقه وكان عبد الله بن عمرو بن العاص يقول عليه الدية وكان يروى في ذلك حديثا عن رسول الله صلى الله عليه من استقاد من انسان فمات المستقاد منه وبرئ المستقيد ضمن المستقيد ديته وجه قولهما أن هذا قطع بحق أو قطع مستحق فالسراية المتولدة منه لا تكون مضمونة كالامام إذا قطع يد السارق فمات من ذلك وتأثيره أن السراية أثر الفعل فلا تنفصل عن أصل الفعل ولما اتصل أصل الفعل بالخفية فكذلك أثره ثم نفس من عليه القصاص صارت في حكم نفسه على معنى أن الفعل في محل حقه يكون حقا مباحا وفيما وراء ذلك يكون عدوانا وان محل حقه صار مملوكا له في حكم الاستيفاء وما وراء ذلك غير مملوك له والفعل في محل حقه جزاء وفيما سوى ذلك عدوان فإذا تميز أحد المحلين عن الآخر حكما يجعل كالتمييز حسا ولا تنوب السراية من بدن إلي بدون فباعتبار هذا المعنى يجعل عقيب القطع كأنه تم البرء فلا تعتبر السراية بعد ذلك ولان هذا فعل مأذون فيه فالسراية المتولدة منه لا تكون مضمونة كمن قال لغيره اقطع يدي أو قال من عليه القصاص لمن له القصاص اقطع يدي قصاصا فقطع وسرى فإنه لا يجب شئ وكذلك النزاع والفصاد والحجام والختان لا يضمن واحد منهم بالسراية شيئا لهذا المعنى ولان هذا قطع لو اقتصر لم يكن مضمونا فلا تكون السراية مضمونة كقطع يد المرتد وهذا لان الشرع أثبت له حق قطع اليد وليس في وسعه التحرز عن السراية فلا يجوز أن يكون مؤاخذا به والسراية إنما تكون لعجز الطبيعة عن دفع أثر الجراحة والبرء وبقوة الطبيعة عن دفع أثر ها وشئ من ذلك ليس في وسع المستوفى لحقه * يوضحه ان طرفه كان سالما بلا خطر فلا يتميز الا بمثله وهو طرف يسلم له بالاستيفاء من غير خطر ولأبي حنيفة رحمه الله طريقان أحدهما ان هذا قتل بغير حق فيكون مضمونا وبيانه
(١٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 142 143 144 145 146 147 148 149 150 151 152 ... » »»
الفهرست