ان يعفو أحدهما يسقط القود فعليه الدية كاملة في ماله عندنا وقال زفر عليه القصاص وإن كان فقيها يعلم أن القود يسقط بعفو أحد الشريكين فعليه القصاص أما زفر فيقول القود سقط بعفو أحدهما علم الآخر أولم يعلم اشتبه عليه حاله أو لم يشتبه فإنما بقي مجرد الظن في حق الآخر والظن غير مانع من وجوب القصاص بعد ما تقرر سببه كما لو قتل رجلا على ظن أنه قتل وليه ثم جاء وليه حيا كان عليه القصاص * وحجتنا في ذلك أنه قد علم وجوب القصاص وما علم ثبوته فالأصل بقاؤه ما لم يعرف ما لم يعرف المسقط فإذا لم يعلم العفو كان القصاص واجبا في حقه ظاهرا والظاهر يصير شبهة في درء ما يندرئ بالشبهات وكذلك إذا علم بالعفو ولم يعلم أن القود سقط به لأن الظاهر أن تصرف الغير في حقهم غير نافذ وسقوط القود عند عفو أحدهما باعتبار معنى خفى وهو ان القصاص لا يحتمل التجزء فإنما اشتبه عليه حكم قد يشتبه فيصير ذلك بمنزلة الظاهر في ايراث الشبهة بخلاف ما إذا علم بالعفو فان هناك قد ظهر المسقط عنده وأقدم على القتل مع العلم بالحرمة وقد يجوز أن يسقط القود باعتبار ظنه كما لو رمى إلى شخص ظنه كافرا فإذا هو مسلم وإذا سقط القود عنه بالشبهة لزمه الدية في ماله لان فعله عمد ثم يحسب له منها نصف الدية لان بعفو الشريك وجب له نصف الدية على هذا الذي قتله فيكون نصف الدية قصاصا بنصف الدية ويؤدى ما بقي وإذا وجب القصاص على رجل فقتله ولى الدم بسيف أو عصا أو وقع في بئر حفرها في الطريق أو عثر بحجر وضعه في الطريق لم يكن عليه في ذلك شئ لان دم من عليه القصاص في حق من له القصاص كالمباح فان الدم لا يملك وإنما يتمكن من استيفاء القصاص بطريق الإباحة وذلك يمنع وجوب الضمان عليه إذا صار قاتلا له بالمباشرة أو بالسبب يوضحه أن هذا بمنزلة استيفاء القصاص منه وإن لم يكن بطريقه لان استيفاء القصاص بفعل يتصل به زهوق الروح وقد وجد ذلك منه بطريق التسبب أو بطريق المباشرة فإن كان له وليان فعفا أحدهما ثم أصابه هذا الأحد بعد العفو فعلى عاقلته الدية في جميع ذلك الا بالسيف فإنها في ماله لان القود سقط بعفو أحدهما وصار في حكم القتل الموجب للمال عليه كان ما سبق لم يكن فإذا أخذ الدية أولياء القتيل خطأ رجع هذا القاتل خطأ بنصف الدية التي أخذها أولياء المقتول خطأ لأنه بعفو شريكه انقلب نصيبه مالا وكان ذلك في ذمة القاتل وبدل نفسه بمنزلة تركته فيستوفى منه ما كان واجبا له في ذمته ولا مقاصة هاهنا لاختلاف المحل فان بدل نفسه على عاقلة ولى الدم
(١٦٣)