المبسوط - السرخسي - ج ٢٦ - الصفحة ١٥٥
يسقط ضمان السراية فكذلك العفو في الانتهاء وهو بمنزلة ما لو كان العفو بلفظ الجناية والدليل عليه هو أن سبب ثبوت الحق الشجة ولو لاه لما صح العفو عن الجناية أو عن الجراحة وما يحدث منها فإذا عفى عن الشجة صار أصل السبب هدرا فالسراية التي تنبنى عليه تكون هدرا أيضا والدليل عليه أن معنى قوله عفوتك عن الشجة أي عن موجب هذه الشجة وموجبها القصاص في الشجة إذا اقتصر وفي النفس إذا سرى فيصرف العفو إليهما كما لو قال المغصوب منه للغاصب أبرأتك عن الغصب يكون ذلك ابراء عن الضمان الواجب بالغصب وهو رد العين عند قيامها ورد القيمة بعد هلاكها وكذلك المشترى إذا أبرأ البائع عن العيب يكون ذلك ابراء عن موجب العيب وهو الرد عند الامكان والرجوع بالنقصان عند تعذر الرد والدليل عليه ما قال في الجامع الصغير لو أن عبدا قطع يد انسان فصالح مولاه عن القطع على أن يدفع العبد إليه فأعتقه المجني عليه ثم مات قال العتق نافذ والعبد صلح بالجناية فإذا كان الصلح علي القطع صلحا عن السراية فكذلك العفو وقال في الزيادات لو ادعى رجل شجة مع السراية وشهد له شاهدان أحدهما بالشجة والآخر بها وبالسراية تقبل شهادتهم علي الشجة ولو لم تكن الشجة حقه بعد السراية لما قبلت الشهادة لاختلاف الشاهدين في المشهود به وأبو حنيفة يقول عفا عن غير حقه فلا يصح لان العفو اسقاط الحق فإذا صادف ما ليس بحقه كان باطلا وبيانه أنه عفا عن اليد وحقه في النفس لما بينا أن بالسراية يتبين أن أصل الفعل كان قتلا وموجب القتل القصاص في النفس دون اليد والدليل عليه ان المعتبر في الجنايات مآلها لا حالها (ألا ترى) ان أصل الفعل قد يكون موجبا للقصاص وبالسراية يتبين انه كان غير موجب كما لو قطع يده من المفصل فسرى إلى نصف الساعد فباعتبار المال هاهنا يتبين انه لم يكن حقه في اليد قصاصا (ألا ترى) انه بعد السراية لو قال الولي عفوتك عن اليد لم يصح فكذلك قبل السراية ولو قال المجني عليه عفوتك عن القتل ثم اقتصر لم يصح فكذلك إذا قال عفوتك عن اليد فسرى ولا معنى لما قال إنه عفا عن موجب اليد لأنه لما قال عفوتك عن القطع فمعناه عن قطع واجب مقابل هذا القطع لاعن هذا القطع الذي تحقق لان العفو عنه لا يتحقق وقد تبين انه لم يكن قطع واجب بمقابلة هذا القطع وقوله بان هذا القطع سبب حقه قلنا القطع سبب حقه في اليد لا سبب حقه في النفس بل حقه في النفس القتل لان القطع الساري لا يقول إنه قطع ثم قتل أو قطع يصير قتلا بمنزلة قنص يصير صيدا ولكنه يتبين أنه
(١٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 150 151 152 153 154 155 156 157 158 159 160 ... » »»
الفهرست