المبسوط - السرخسي - ج ٢٦ - الصفحة ١٣٦
اتحد الأصل فلان تنعدم المماثلة أولى ولهذا لا تقطع اليمين باليسار والتفاوت في البدل دليل ظاهر على انعدام المساواة لان البدل بمقابلة المبدل وهو قيمته فالتفاوت فيه دليل على التفاوت في المبدل وعلى هذا الأصل قال علماؤنا رحمهم الله لا يجرى القصاص بين الرجال والنساء في الأطراف وقال ابن أبي ليلى يجرى وهو قول الشافعي ويسلكون في الباب طريقا سهلا وهو اعتبار الأطراف بالنفوس لأنها تابعة للنفس وثبوت الحكم في التبع بثبوته في الأصل فكما يجرى القصاص بين الرجال والنساء في النفوس فكذلك في الأطراف ولكنا نقول لا مماثلة بين طرف الرجل وطرف المرأة في المنفعة ولا في البدل والمماثلة معتبرة في القصاص في الأطراف بدليل أن الصحيحة لا تستوفى بالشلاء للتفاوت بينهما في البدل والمنفعة ولا معنى لقولهم إن الشلاء ميتة لا روح فيها لان استيفاءها في القصاص جائز وبقطعها يتألم صاحبها ويجب حكومة العدل لقطعها فعرفنا ان الحياة فيها باقية ولكن التفاوت في البدل فلا تقطع الصحيحة بها بخلاف النفوس فالمعتبر هناك المساواة في الفعل حتى تستوفى النفس الصحيحة بالزمنة * فان قيل التفاوت في البدل يمنع استيفاء الأكمل بالأنقص ولا يمنع استيفاء الأنقص بالأكمل حتى أن الشلاء تقطع بالصحيحة وعندكم في هذا الموضع لا تقطع يد المرأة بالرجل * قلنا نعم إذا كان التفاوت بسبب حسي كالشلل وفوات بعض الأصابع فهو كما قلنا فأما إذا كان التفاوت بمعنى حكمي فإنه يمنع استيفاء كل واحد منهما لصاحبه كاليمين مع اليسار وهذا المعنى وهو ان في التفاوت إذا كان بنقصان حسي فمن له الحق إذا رضى بالاستيفاء يجعل هو بالبعض حقه مستوفيا لما بقي وذلك جائز ولهذا لا يستوفى الأكمل بالأنقص وان رضى به القاطع لأنه بالرضا يكون باذلا للزيادة ولا يجوز استيفاء الظرف بالبدل فاما إذا كان التفاوت لمعنى حكمي فلا وجه لتمكنه من الاستيفاء هاهنا بطريق اسقاط البعض ولا بطريق البدل وعلى هذا قال الشافعي تقطع يد العبد بيد الحر كما يقتل العبد بالحر وكذلك تقطع يد العبد بيد العبد كما يقتل أحدهما بالآخر قصاص ولا تقطع يد الحر بيد العبد كما لا يقتل الحر بالعبد عنده وعندنا لا يجرى القصاص بين العبيد والأحرار ولا بين العبيد فيما دون النفس لانعدام المساواة في البدل أما فيما بين العبيد والأحرار فظاهر وكذلك بين العبيد إذا اختلفت القيم فيهم وكذلك إذا استوت لان طريق معرفة القيمة الحزر والمماثلة المشروطة شرعا لا تثبت بطريق الحرز كالمماثلة في الأموال الربوية عند المقابلة بجنسها ولا يقال نصاب السرقة يعرف بالتقويم
(١٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 131 132 133 134 135 136 137 138 139 140 141 ... » »»
الفهرست