بينكما ثم عفى أحدهما كان للآخر استيفاء القصاص فكذلك إذا قضى به القاضي وهو نظير من مات وترك ابنا وبنتا فقضى القاضي بينهما بالميراث أثلاثا كان هذا كفتوى المفتى ولو تزوج امرأة ولم يسم لها مهرا فقضى القاضي لها بمهر المثل كان هذا كفتوى المفتى حتى لو طلقها قبل الدخول بها كان لها المتعة وفي تفسير هذا الوصف نوعان من الكلام أحدهما أن حق كل واحد منهما كان في جميع القصاص على أن يستوفى كل واحد منهما النصف إذا زاحمه الآخر وبقي كذلك بعد قضاء القاضي بدليل أنه لو حضر أحدهما واستوفى كان مستوفيا للقصاص ويكون الأرش للآخر بخلاف ما بعد استيفاء الأرش فان هناك لو حضر أحدهما لا يتمكن من استيفاء القصاص ما لم يحضر الآخر وهذا لان القضاء قول من القاضي والقصاص الذي هو غير المشترك لا يصير مشتركا بقول بحال كما لو جعل نصف القصاص لغيره وقضي القاضي بذلك كان ذلك لغوا بخلاف استيفاء الأرش فإنه فعل وبالفعل يصير القصاص مشتركا والقاضي وان قضي بالأرش بينهما فالملك لكل واحد منهما لا يتم بالقضاء قبل الاستيفاء لان الأرش في معنى الصلات فإنما يتم الملك فيها بالقبض لا بالقضاء كمنفعة الزوجة تصير بالقبض لا بنفس القضاء والدليل عليه أن السبب الموجب للأرش لكل واحد منهما قضاؤه بطرفه حقا مستحقا عليه وذلك لا يتم بالقضاء قبل استيفاء القصاص فأما إذا استوفيا الأرش فسبب الملك في المقبوض هو القبض وقد تم ذلك وبهذا فارق فصل الشفعة والبيع فالقاضي بقضائه هناك غير الامر عما كان عليه لأنه فسخ بيع كل واحد منهما في النصف وأبطل حق كل واحد من الشفيعين في النصف الذي قضى به الآخر والوجه الآخر أن القصاص وجب مشتركا بينهما والأرش كذلك أما إذا حصل الفعلان معا فهو ظاهر وكذلك أن حصلا علي التعاقب لأنه يجعل في الحكم كأنهما كانا معا وهذا لأنا لو قلنا إن حق كل واحد منهما في جميع القصاص لكان القاضي مسقطا حق كل واحد منهما عن نصف القصاص بولاية شرعية والقصاص لا يحتمل الوصف بالتجزء اسقاطا (ألا ترى) أن صاحب الحق لو عفا عن النصف سقط جميع حقه وهاهنا لما نفذ قضاء القاضي بالقصاص بينهما عرفنا أن القصاص كان مشتركا بينهما بشرط مزاحمة كل واحد منهما مع صاحبه فتقرر ذلك بقضاء القاضي ثم بالعفو زالت مزاحمته فيكون حق الاخر في القصاص لانعدام شرط الشركة كما لو زالت مزاحمته بالعفو قبل قضاء القاضي والطريق الأول أصح ولو لم يكونا أخذا المال وأخذا به كفيلا ثم عفا أحدهما
(١٤٢)