شئ له سوى ذلك عندنا وعند الشافعي له أن يقطع ما بقي ويضمنه خمس دية اليد لان كل أصبع خمس اليد بدليل ان أرش كل أصبع يكون خمس أرش اليد فهو إنما استوفى أربعة أخماس حقه فيقضى له بالأرش فيما بقي كمن أتلف على آخر خمسة أقفزة حنطة فوجد عنده أربعة أقفزة واستوفاها كان له أن يتسوفى قيمة القفيز الخامس ولكنا نقول استوفى محل حقه بكماله فلا يرجع مع ذلك بشئ من الأرش كما لو قطع يدا صحيحة ويد القاطع شلاء فاستوفى القصاص وهذا لان الأصابع صفة لليد (ألا ترى) أن المقصود باليد منفعة البطش وبفوات الإصبع ينتقص معنى البطش ولا ينعدم والدليل عليه انه لو أراد صاحب اليد استيفاء بعض الأصابع لم يكن له بعد ذلك ولكن اما ان يقطع من مفصل اليد أو يترك فعرفنا أن الأصابع في حقه بمنزلة الوصف ومن تجوز بحقه مع نقصان الصفة لا يكون له أن يرجع بشئ آخر كما لو أتلف عليه كرا جيدا فوجد عنده كرا رديئا وقبضه بخلاف القفزان فإنه مقدار وليس بصفة (ألا ترى) ان له أن يبرئ عن بعض الأقفزة ويستوفى البعض وهاهنا ليس له أن يعفو عن بعض الأصابع ويستوفى البعض فان جاء صاحب اليد أولا قطعت له اليد لان حقه ثابت معلوم فلا يتأخر استيفاؤه لمكان حق موهوم لغائب لا يدرى أيطلب أو يعفو ثم إذا حضر الآخر قضى له بالأرش لان من عليه الحق قضي بمحل حقه حقا مستحقا عليه فيكون له الأرش فان قيل كيف يستقيم هذا مع قولكم ان الإصبع وصف وتبع قلنا نعم ولكن باعتبار فوات هذا الوصف كان يتخير من له الحق وإنما لم يتخير هاهنا لبقاء الإصبع فكان هو من هذا الوجه قاضيا بالإصبع حقا مستحقا عليه بخلاف النفس فان هناك لو حضر من له القصاص في النفس أولا واستوفى لم يكن لمن له القصاص في الطرف شئ لان هناك ما قضى بالطرف حقا مستحقا عليه (ألا ترى) ان فوات الطرف لا يثبت الخيار لصاحب النفس ولو قطع من أصبع رجل مفصلا ومن أصبع رجل آخر مفصل ذلك الإصبع ومن رجل ثالث الإصبع كلها تم اجتمعوا عند القاضي فإنه يقطع المفصل الأعلى لصاحب الأعلى لأنه ليس في بدائته بحقه تفويت محل حق الآخرين وبالبداءة بأخذ حق الآخرين تفويت محل حقه ولان حقه في المفصل الأعلى مقصود وحق الآخرين فيه تبع وإذا قطع هذا لفصل تخير صاحب المفصلين فإن شاء قطع المفصل الأوسط بجميع حقه لأنه وجد محل حقه ولكنه مع النقصان وان شاء أخذ ثلثي دية أصبعه من مال القاطع لعجزه عن استيفاء
(١٤٤)