عن النهى وجودا وعد ما بمنزلته ولكنه استحسن وجعل ذلك اذنا من المولى له في التجارة وابطالا لما كان اشهد به من الحجر لان الحجر كان موقوفا على علم العبد به والحجر الموقوف دون الحجر النافذ ثم رؤيته تصرف العبد وسكوته عن النهى لما كان رافعا للحجر النافذ الذي قد علمه العبد فلان يكون رافعا للحجر الموقوف أولى وهذا لان السكوت بمنزلة الإذن الصريح ولو قال بعد ذلك الحجر قد أذنت لك في التجارة كان هذا اذنا مبطلا لذلك الحجر الموقوف فكذلك إذا سكت عن النهى فان ذلك الحجر كان لكراهة تصرفه والسكوت عن النهى بعد الرؤية دليل الرضا بتصرفه والرضا بعد الكراهة كامل وإذا أذن له في التجارة ولم يعلم بذلك أحد سوى العبد حتى حجر عليه بعلم منه بغير محضر من أهل سوقه فهو محجور عليه لوصول الحجر إلى من وصل إليه الاذن وهو العبد فبه تبين أن الحجر مثل الاذن والشئ يرفعه ما هو مثله ثم اشتراط علم أهل السوق بالحجر كان لدفع الضرر والغرور عنهم وذلك المعنى لا يوجد هنا لا نهم لم يعلموا بالاذن ليعاملوه بناء على ما علموه فان علم بعد ذلك أهل سوقه باذنه ولم يعلموا بالحجر عليه فالحجر صحيح لأنه لما كان الحجر قبل علمهم بالاذن فقد بطل به حكم ذلك الاذن وإنما علموا بعد ذلك باذن باطل بخلاف ما لو علموا بالاذن قبل قول المولي حجرت عليه ولكنهم لم يعاملوه حتى كان الحجر من المولي عليه لان الحجر ههنا باطل ما لم يعلم به أهل سوقه لان الاذن قد انتشر فيهم حين علموا به فلا يبطله الا حجر منتشر فيهم ولو لم يعلم بالاذن غير العبد ثم حجر عليه والعبد لا يعلم به فاشترى وباع كان مأذونا والحجر باطل لأنه ما وصل الحجر إلى من وصل إليه الاذن وهو العبد وهو نظير عزل الوكيل فإنه إذا علم بالوكالة ولم يعلم بالعزل لا يصير معزولا سواء كان الوكيل عبدا له أو حرا فكذلك حكم الحجر وإذا أذن العبد في التجارة فاشترى وباع وهو لا يعلم باذن المولي ولم يعلم به أحد فليس هو بمأذون ولا يجوز شئ من تصرفاته لان حكم الخطاب لا يثبت في حق المخاطب ما لم يعلم به خصوصا إذا كان ملزما إياه وهذا خطاب ملزم لأنه لا يطالب بعهدة تصرفاته قبل الاذن في الحال ويطالب بذلك بعد الآن فكما لا يثبت حكم الحجر في حقه ما لم يعلم به لدفع الضرر عنه فكذلك حكم الاذن فان علم بعد ذلك فباع واشترى جاز ما فعله بعد العلم بالاذن ولم يجز ما قبله لأنه حين علم فإنما تم شرط الاذن في حقه الآن وكأنه اذن له في الحال فلا يؤثر هذا الاذن فيما كان سابقا عليه من تصرفاته ولو أمر المولي قوما أن يبايعوه فبايعوه والعبد لا يعلم بأمر المولي كان شراؤه وبيعه معهم جائزا
(٢٩)