مشايخنا رحمهم الله في فصل وهو ان المضارب في نوع خاص إذا أذن لعبد من المضاربة في التجارة ان العبد يصير مأذونا له في جميع التجارات أم في ذلك النوع خاصة فمهم من يقول يصير مأذونا له في ذلك النوع خاصة لأنه إنما استفاد الاذن من المضارب والمضارب لا يملك التصرف الا في ذلك النوع لان المضاربة تقبل التخصيص فكذلك المأذون من جهته (قال رضي الله عنه) والأصح عندي أن يكون مأذونا في التجارات كلها لان السبب في حقه فك الحجر وهو لا يقبل التخصيص والعبد متصرف لنفسه فإن كان الآذن له مضاربا لا يرجع بالعهدة على المضارب ولا على رب المال لان المضارب نائب يرجع بما يلحقه من العهدة على رب المال ورب المال لم يرض برجوعه عليه لعهدة نوع آخر من التصرف فاما هذا العبد فلا يرجع بالعهدة على رب المال فهو والمأذون من جهة مولاه سواء (ألا ترى) ان عبد المضاربة لو جنى جناية لا يكون للمضارب أن يدفعه بغير اختيار رب المال ولو أن عبدا لهذا العبد المأذون جنى جناية كان له أن يدفعه بجنايته بغير محضر من المضارب ولا من رب المال ويجعل فيه كالمأذون من جهة مولاه فهذا مثله وإذا أمر الرجل عبده بقبض غلة دار أو امره يقبض كل دين له على الناس أو وكله بالخصومة منه في ذلك فليس هذا باذن له في التجارة فكذلك أن أمره بالقيام علي زرع له أو أرض أو على عمال في بناء داره أو ان يحاسب غرماءه أو ان يقاضي دينه عن الناس ويؤدى منه خراج أرضه أو يقضى عليه دينا لم يكن هو مأذونا له في التجارة بشئ من ذلك لان ما أمره به من نوع الاستخدام لان من نوع التجارة فإنه ما فوض شيئا من عقود التجارة إلى رأيه ولا رضي منه باكتساب سبب موجب للدين في مالية رقبته فلا يصير به مأذونا * فان قيل لا كذلك ففي القبض اكتساب سبب موجب للدين في مالية رقبته لو ظهر أن المقبوض مستحق * قلنا نعم ولكن تعلق الدين بمالية رقبته بهذا السبب لا يتوقف على اذن المولى به فان العبد المحجور إذا قبض مالا من انسان فهلك في يده ثم استحق كان ذلك المال دينا في ذمته ويتعلق بمالية رقبته وإنما الاذن ان يرضى المولى بتعلق الدين بماليه رقبته بسبب لولا اذنه لم يتعلق ذلك الدين بمالية رقبته ولو أمره بقرية له عظيمة أن يؤاجر أرضها ويشترى الطعام ويزرع فيها ويبيع الثمار فيؤدى خراجها كان اذنا له في جميع التجارات لأنه فوض الامر إلى رأيه في أنواع من التجارات ورضى بتعلق الديون التي تلزمه بتلك التجارات بمالية رقبته فيصير به مأذونا له في التجارات ولو قال لعبده اشتر لي البر أو الطعام أو قال اشتر لفلان البر أو الطعام فهذا اذن له في التجارة لأنه
(١٩)