المبسوط - السرخسي - ج ٢٤ - الصفحة ١٢٠
منهما جانيا في حق صاحب المال وأيهما ضمن لم يرجع على صاحبه بشئ لان المكره ان ضمن فإنما يضمن بكون الدفع منسوبا إليه ولو كان هو الذي دفعه إليه وديعة لم يرجع على المودع بشئ وان شاء ضمن المودع فلانه كان في القبض طائعا وبه صار ضامنا وهو لم يكن في هذا القبض عاملا للاكراه لأنه لم يقبض ليسلمه إلى المكره ولو أكره بتلف أو حبس على أن يأمر رجلا بقبض المال فأمر بقبضه والمأمور غير مكره فضاع في يده فالقابض ضامن للمال لان الامر قول منه والاكراه بالحبس يبطل قوله في مثله (ألا ترى) أنه يبطل شراؤه وبيعه فكان كالقابض بغير أمره بخلاف الأول فهناك صاحب المال هو الدافع والاكراه بالحبس لا يعدم فعله في الدفع (ألا ترى) أنه لو أكرهه بالحبس على أن يطرح ماله في ماء أو نار ففعل لم يضمن المكره شيئا ولو أكرهه بالحبس على أن يأمر انسانا بان يطرح ماله في ماء أو نار فأمره بذلك ففعله المأمور كان المكره ضامنا ولا شئ على المكره إلا أن يكون الطارح مكرها من جهته بوعيد تلف فحينئذ يكون الضمان على المكره وكذلك لو أكرهه بالحبس على أن يأذن له في أن يأخذ ماله فيهبه أو يأكله أو يستهلكه ففعل ذلك كان المستهلك ضامنا لان أمره بالتهديد بالحبس لغو فكأنه فعله بغير أمره ولو أكرهه بوعيد تلف على أن يأذن له في أن يقتل عبده عمدا فأذن له في ذلك فقتله كان للمولى أن يقتله به لأنه لا معتبر باذنه بعد الاكراه التام ولو أكرهه على ذلك بالحبس كان كذلك في القياس لان الاذن كان باطلا فان التهديد بالحبس يسقط اعتبار ما يحتمل الابطال من أقاويله والاذن إنما كان مؤثرا باعتبار انه دليل الرضا ومع الاكراه بالحبس الاذن لا يكون دليل الرضا ولكنه استحسن في هذا فقال لا يلزمه القود ولكنه ضامن له قيمة عبده لان الاكراه بالحبس يؤثر في ابطال بعض الأقاويل دون البعض (ألا ترى) انه لا يؤثر في أبطال قوله في الطلاق والعتاق والعفو عن القصاص ويؤثر في البيع والشراء فان اعتبرناه بما يؤثر فيه يجب القصاص على المكره وان اعتبرناه بما لا يؤثر فيه لا يجب القصاص على المكره والقصاص مما يندرئ بالشبهات فلهذا سقط القود * فان قيل هذا في الاكراه بوعيد التلف موجود * قلنا لا كذلك فالاكراه بوعيد التلف مؤثر في جميع الأقاويل فيما يحصل بها من الاتلاف حتى يكون موجبا للضمان على المكره بخلاف الاكراه بالحبس ثم الاذن في الابتداء كالعفو في الانتهاء والعفو مع الاكراه بالحبس صحيح على أن يكون مقصورا على العافي من كل وجه بخلاف الاكراه بالقتل فالعفو هناك صحيح
(١٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 115 116 117 118 119 120 121 122 123 124 125 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الأشربة 2
2 باب التعزير 35
3 باب من طبخ العصير 37
4 كتاب الاكراه 38
5 باب ما يكره عليه اللصوص غير المتأولين 47
6 باب الاكراه على العتق والطلاق والنكاح 62
7 باب ما يكره أن يفعله بنفسه أو ماله 66
8 باب تعدي العامل 72
9 باب الاكراه على دفع المال وآخذه 78
10 باب من الاكراه على الاقرار 83
11 باب من الاكراه على النكاح والخلع والعتق والصلح عن دم العمد 85
12 باب الاكراه على الزنا والقطع 88
13 باب الاكراه على البيع ثم يبيعه المشتري من آخر أو يعتقه 93
14 باب الاكراه على ما يجب به عتق أو طلاق 100
15 باب الإكراه على النذر و اليمين 105
16 باب اكراه الخوارج المتأولين 108
17 باب ما يخالف المكره فيه أمر به 109
18 باب الاكراه على أن يعتق عبده عن غيره 112
19 باب الاكراه على الوديعة وغيرها 119
20 باب التلجئة 122
21 باب العهدة في الاكراه 128
22 باب ما يخطر على بال المكره من غير ما أكره عليه 129
23 باب زيادة المكره على ما أمره به 132
24 باب الخيار في الاكراه 135
25 باب الاكراه فيما يوجب لله عليه أن يؤديه اليه 144
26 باب الاكراه في الوكالة 147
27 باب ما يسع الرجل في الاكراه وما لا يسعه 151
28 باب اللعان الذي يقضى به القاضي ثم يتبين أنه باطل 155
29 كتاب الحجر 156