ولا حق له بظاهر الحديث وكذلك لو بني أو زرع أو أحدث فيه شيئا للأول أن يمنعه من ذلك لملكه ذلك الموضع وما عطب في بئر الأول فلا ضمان عليه فيه لأنه غير متعد في حفره وما عطب في بئر الثاني فهو مضمون على الثاني لأنه متعد في تسببه ولو أن الثاني حفر بئرا بأمر الإمام في غير حريم الأول وهي قريبة منه فذهب ماء البئر الأول وعرف ان ذهاب ذلك من حفر الثاني فلا شئ له عليه لأنه غير متعد فيما صنع بل هو محق في الحفر في غير حريم الأول والماء تحت الأرض غير مملوك لاحد فليس له أن يخاصمه في تحويل ماء بئره إلى بئر الثاني كالتاجر إذا كان له حانوت فاتخذ آخر جنبه حانوتا لمثل تلك التجارة فكسدت تجارة الأول بذلك لم يكن له أن يخاصم الثاني ولو احتفر قناة بغير إذن الإمام في مفازه ثم ساق الماء حتى أتى به أرضا فأحياها فإنه يجعل لقتاته ومخرج مائة حريما على قدر ما يصلحه وهذا بناء على قولهما فاما عند أبي حنيفة رحمه الله إذا فعل ذلك باذن الامام يستحق الحريم للموضع الذي يقع الماء فيه على وجه الأرض فأما إذا كان بغير إذا الامام فلا وهذا بمنزلة ما لو أخرج عينا الا انه تحرز عن بيان المقدار فيه بالرأي ولم يجد في القناة نصا بعينه فقال حريمه بقدر ما يصلحه فاما في الموضع الذي لا يقع ماؤه على الأرض من القناة فبمنزلة النهر إلا أنه يجرى تحت الأرض وقد بينا الكلام في الحريم للنهر فكذلك القناة وإذا كانت القناة على هذا الوجه بين رجلين والأرض بينهما ثم استحيا أحدهما أرضا أخرى فأراد أن يسقيها لم يكن له ذلك بمنزلة نهر مشترك بين رجلين وهذا لأنه يريد أن يستوفى أكثر من حقه ويثبت لهذه الأرض الأخرى شربا من هذه القناة فلا يملك ذلك الا برضا شريكه ولو كان نهر بين قوم لهم عليه أرضون لكل رجل منهم أرض معلومة فأراد بعضهم أن يسوق شربه إلى أرض أخرى لم يكن لها في ذلك النهر شرب فيما مضى فليس له ذلك لأنه يستوجب بذلك في النهر غير ما لم يكن له قبل ذلك أما إذا كان يسقى أرضه التي لها شرب من هذا النهر مع ذلك فهو يستوفى أكثر من حقه وإن كان يريد أن يسوق شربه الأول إلى هذه الأرض الأخرى لم يكن له ذلك أيضا لأنه إذا فعل ذلك وتقادم العهد ادعى للأرض شربا من هذا النهر مع الأول واستدل على ذلك بالنهر المعد لاجراء الماء فيه من ذلك النهر إلى هذه الأرض فهذا معنى قوله يستوجب بذلك في النهر شربا لم يكن له قبل ذلك وكذلك لو أراد أن يسوق شربه في أرضه الأولى حتى ينتهى إلى هذه الأخرى فليس له ذلك لأنه يستوفى فوق حقه فالأرض تنشف بعض
(١٨٩)