المشترك لا يضمن عند أبي حنيفة رحمه الله إذا هلك المال في يده من غير صنعه وعندهما هو ضامن إذا هلك في يده فما يمكن التحرز عنه فكذلك الحكم في كل مضاربة فاسدة ولو دفع إليه ألف درهم مضاربة على أن ما رزق الله في ذلك من شئ فللمضارب ربح نصف المال أو قال ربح عشر المال أو قال ربح مائة درهم من رأس المال فهذه مضاربة جائزة لان في هذا المعنى اشتراط جزء شائع من الربح للمضارب إذ لا فرق بين أن يشترط له عشر الربح وبين أن يشترط له ربح عشر المال ولا أجر للمضارب في عمله هنا إن لم يحصل الربح لان عند صحة المضاربة هو شريك في الربح فإذا لم يحصل الربح لم يستحق شيئا لانعدام محل حقه لو قال على أن ما رزق الله تعالى في ذلك من شئ فللمضارب ربح هذه المائة بعينها أو ربح هذا الصنف بعينه من المال فهي مضاربة فاسدة لان هذا الشرط يؤدي إلى قطع الشركة في الربح مع حصوله فمن الجائز أن لا يربح فيما يشترى بتلك المائة والأصل فيه ما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سئل عن المزارعة بما سقت السواني والماذيانات فأفسدها وكان المعنى فيه أن ذلك الشرط يؤدى إلى قطع الشركة بينهما في الخارج مع حصوله فيتعدى ذلك الحكم إلى هذا الموضع بهذا المعنى فان عمل فله أجر مثله لأنه أوفي العمل بحكم عقد فاسد وإذا دفع إليه ألف درهم فقال خذ هذه الألف مضاربة بالثلث أو قال بالخمس أو قال بالثلثين فأخذها وعمل بها فهي مضاربة جائزة وما شرطه من ذلك فهو للمضارب وما بقي لرب المال لان المضارب هو الذي يستحق الربح بالشرط فأما رب المال فإنما يستحق الربح باعتبار أنه بما ملكه فمطلق الشرط ينصرف إلى جانب من يحتاج إليه وعرف الناس يشهد بذلك والثابت بالعرف من التعيين كالثابت بالنص فكأنه قال الثلثان من الربح لك حتى إذا قال إنما عنيت أن الثلثين لي لم يصدق لأنه يدعى خلاف ما هو الظاهر المتعارف والقول في المنازعات قول من يشهد له الظاهر وحرف الباء دليل عليه لأنه إنما يصحب الأعواض فهو دليل على أن بالثلثين لم يستحق الربح عوضا وهو المضارب وأنه في المعنى يستحق الربح عوضا عن عمله فلهذا كان المنصوص عليه للمضارب وكذلك لو قال خذها معاوضة بالنصف أو معاملة بالنصف لان العبرة في العقود للمعاني دون الألفاظ (ألا ترى) أنه لا فرق بين أن يقول بعتك هذا الثوب بألف أو المكيل بألف ولو قال خذها على أن ما رزق الله تعالى فيها من شئ فهو بيننا ولم تزد على هذا فهو مضاربة جائزة بالنصف لان كلمة بين تنصيص على الاشتراك ومطلق الاشتراك
(٢٣)