بعد اتحاد المقصود والمقصود بهذه الألفاظ اشتراط التناصف في الربح وكذلك لو شرط للمضارب عشر الربح والباقي لرب المال فهو جائز لان المشروط للمضارب جزء شائع معلوم وهذا الشرط لا يؤدى إلى قطع الشركة بينهما في الربح مع حصوله فما من شئ يحصل من الربح قل أو كثر الا وله عشر ويستوى ان كانت الألف المدفوعة جيدة أو زيوفا أو نبهرجة لان الفضة تغلب على العشر في هذه الأنواع فهو في حكم الدراهم المضروبة من النقرة فيها ولو قال على أن ما رزق الله تعالى في ذلك من شئ فللمضارب من ذلك مائة درهم فهذه مضاربة فاسدة لان هذا الشرط يوجب قطع الشركة بينهما في الربح مع حصوله فربما لا يربح الا مقدار المائة فيأخذه من شرط له ويجيب الآخر وفى هذه الشرط عيب يمكن التحرز عنه أيضا وربما يربح أقل من مائة درهم فلا يسلم جميع المائة لمن شرط له مع حصول الربح فلهذا فسد العقد فان عمل ذلك فربح مالا أو لم يربح شيئا فله أجر مثله فيما عمل وليس له من الربح شئ لان استحقاق الشركة في الربح بعقد المضاربة والعقد الفاسد لا يكون بنفسه سببا للاستحقاق وإنما يستوجب أجر المثل لأنه عمل لرب المال وابتغى عن عمله عوضا فإذا لم يسلم له ذلك استحق أجر المثل كما في الإجارة الفاسدة ثم إن كان حصل الربح فله أجر مثله بالغا ما بلغ في قول محمد رحمه الله وقال أبو يوسف رحمه الله لا يجاوز بأجر مثله ما سمي له وهو بناء على ما بينا في كتاب الشركة من اختلافهما في شركة الاحتطاب والاحتشاش وإن لم يحصل الربح فقد روى عن أبي يوسف رحمه الله أنه قال استحسن أن لا يكون للمضارب شئ لان الفاسد من العقد معتبر بالصحيح في الحكم ولا طريق لمعرفة حكم العقد الفاسد الا هذا وفي المضاربة الصحيحة إذا لم يربح لا يستحق شيئا فكذلك في المضاربة الفاسدة وجه ظاهر الرواية أنه لا يستحق بهذا العقد شيئا من الربح بحال وإنما يعتبر حصول الربح في حق من يستحق الربح ثم الفاسد إنما يعتبر بالجائز إذا كان انعقاد الفاسد مثل انعقاد الجائز كالبيع وهنا المضاربة الصحيحة تنعقد شركة لا إجارة والمضاربة الفاسدة تنعقد إجارة فإنما تعتبر بالإجارة الصحيحة في استحقاق الاجر عند ايفاء العمل ولو تلف المال في يده فله أجر مثله فيما عمل ولا ضمان عليه ذكر ابن سماعة عن محمد رحمهما الله أنه ضامن للمال فقيل المذكور في الكتاب قول أبي حنيفة رحمه الله وهو بناء على اختلافهم في الأجير المشترك إذا تلف المال في يده من غير صنعه فان هذا العقد انعقد إجارة وهو بمنزلة الأجير المشترك لان له أن يأخذ المال بهذا الطريق من غير واحد والأجير
(٢٢)