في حيوان معلوم بأثمان معلومة إلى أجل معلوم فحل الاجل فاشتد عليه فأتى عتريس عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه يستعين به عليه فذكر ذلك فقال له عبد الله رضي الله عنه خذ رأس مالك ولا تسلمه شيئا مما لنا في الحيوان وفيه دليل جواز المضاربة وفساد السلم وإنما اشتد على عتريس بن عرقوب لفساد العقد أيضا فلا يظن به المماطلة في قضاء ما هو مستحق عليه مع قوله صلى الله عليه وسلم خيركم أحسنكم قضاء وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس يتعاملون بالمضاربة بينهم فأقرهم على ذلك وندبهم أيضا إليه على ما قال صلوات الله وسلامه عليه من عال ثلاث بنات فهو أسير فأعينوه يا عباد الله ضاربوه داينوه ولان بالناس حاجة إلى هذا العقد فصاحب المال قد لا يهتدى إلى التصرف المربح والمهتدى إلى التصرف قد لا يكون له مال والربح إنما يحصل بهما يعنى المال والتصرف ففي جواز هذا العقد يحصل مقصود هما وجواز عقد الشركة بين اثنين بالمال دليل على جواز هذا العقد لان من جانب كل واحد منهما هناك ما يحصل به الربح فينعقد بينهما شركة في الربح ولهذا لا يشترط التوقيت في هذا العقد ولكل واحد منهما أن ينفرد بفسخه لان انعقاده بطريق الشركة دون الإجارة ولهذا العقد أحكام شتى من عقود مختلفة فإنه إذا أسلم رأس المال للمضارب فهو امين فيه كالمودع وإذا تصرف فيه فهو وكيل في ذلك يرجع بما يلحقه من العهدة على رب المال كالوكيل فإذا حصل الربح كان شريكه في الربح وإذا فسد العقد كانت إجارة فاسدة حتى يكون للمضارب أجر مثل عمله وإذا خالف المضارب كان غاصبا ضامنا للمال ولكن المقصود بهذا العقد الشركة في الربح وكل شرط يؤدى إلى قطع الشركة في الربح بينهما مع حصوله فهو مبطل للعقد لأنه مفوت لموجب العقد ومن ذلك ما رواه عن إبراهيم رحمه الله انه كان يكره المضاربة بالنصف أو الثلث وزيادة عشرة دراهم قال أرأيت إن لم يربح الا تلك العشرة وهو إشارة إلى ما بينا من قطع الشركة في الربح مع حصوله بأن لم يربح الا تلك العشرة وعن إبراهيم رحمه الله في المضاربة والوديعة والدين سواء يتحاصون ذلك في مال الميت وبه نأخذ والمراد مضاربة أو وديعة غير معينة فالأمين بالتجهيل يصير ضامنا فهو والدين سواء فاما ما كان معينا معلوما فصاحبه أولى به لان حق الغريم بموت المديون يتعلق بماله الا بما كان أمانة في يده لغيره وعن إبراهيم رحمه الله قال في الوصي يعطى مال اليتيم مضاربة وان شاء أبضعه وان شاء تجر إلى غير ذلك وكان خيرا لليتيم فعل لقوله تعالى قل اصلاح لهم خير وقال الله تعالى ولا تقربوا
(١٩)