التجارة مستصنع فيكون المال في يده أمانة ورب المال لم يعنه في شئ حين شرط جميع الربح لنفسه وهذا الأصل الذي قلنا لان العبرة للمقصود في كل عقد دون اللفظ ولو قال خذ هذه الألف مضاربة أو مقارضة ولم يذكر ربحا فهي مضاربة فاسدة لان المضارب شريك في الربح والتنصيص على لفظ المضاربة يكون استرداد الجزء من ربح المضارب وذلك الجزء غير معلوم وجهالته تفضى إلى المنازعة بينهما ومثله إذا كان في صلب العقد يكون مفسدا للعقد فيكون الربح كله لرب المال وللمضارب أجر مثله ربح أو لم يربح ولو قال على أن لرب المال ثلث الربح ولم يسم للمضارب شيئا فهذه مضاربة فاسدة في القياس لأنهما لم يبينا ما هو المحتاج إليه وهو نصيب المضارب من الربح وإنما ذكر اما لا يحتاج إليه وهو نصيب رب المال ولا حاجة به إلى ذلك فرب المال لا يستحق بالشرط وليس من ضرورة اشتراط الثلث لرب المال اشتراط ما بقي للمضارب فان ذلك مفهوم والمفهوم لا يكون حجة للاستحقاق ومن الجائز أن يكون مراده اشتراط بعض الربح لعامل آخر يعمل معه وهذا بخلاف ما إذا بين نصيب المضارب خاصة لأنه ذكر هنا ما يحتاج إلى ذكره وهو بيان نصيب من يستحق بالشرط ووجه الاستحسان أن عقد المضاربة عقد شركة في الربح والأصل في المال المشترك انه إذا بين نصيب أحدهما كان ذلك بيانا في حق الآخر ان له ما بقي قال الله تعالى وورثه أبواه فلأمه الثلث معناه وللأب ما بقي وهنا لما دفع إليه المال مضاربة فذلك تنصيص على الشركة بينهما في الربح فإذا قال على أن لي ثلث الربح يصير كأنه قال ولك ما بقي كما لو قال على أن لك ثلث الربح يصير كأنه قال ولى ما بقي ولو صرح بذلك لكان العقد صحيحا على ما اشترطا فهذا مثله وهذا عمل بالمنصوص لا بالمفهوم ولو قال على أن للمضارب ثلث الربح أو سدسه كانت المضاربة فاسدة لأنه لم ينص في نصيب المضارب على شئ معلوم ولكن ردده بين الثلث والسدس وبهذا اللفظ تمكن فيما يستحقه المضارب جهالة تفضى إلى المنازعة وكذلك لو قال على أن لي نصف الربح أو ثلثه لان معنى هذا الكلام ولك ما بقي النصف أو الثلث فيفسد العقد لجهالة تفضى إلى المنازعة فيما شرط للمضارب ولو شرط للمضارب ثلث الربح ولرب المال نصف الربح فالثلث للمضارب كما شرط إليه والباقي كله لرب المال لان استحقاق المضارب بالشرط وما شرط له الا الثلث ورب المال يستحق ما بقي لكونه بما ملكه وهذا موجود في المسكوت عنه فيكون له ولو قال خذ هذه الألف لتشترى بها هرويا بالنصف أو قال لتشترى بها رقيقا
(٢٥)