المبسوط - السرخسي - ج ٢٢ - الصفحة ١٣١
والحربي الراجع إلى دار الحرب كان حكما لتباين الدارين وذلك غير موجود هنا ولو أن أحد الحربيين دفع إلى مسلم مالا مضاربة بالنصف ثم دخل المسلم دار الحرب لم تنتقض المضاربة وكذلك أن كان المضارب ذميا لأنه من أهل دار الاسلام فان دخل دار الحرب تاجرا حتى لا تبين زوجته التي في دار الاسلام فيكون هذا السفر في حقه بمنزلة السفر إلى ناحية أخرى من دار الاسلام ولو دفع أحد الحربيين إلى صاحبه مالا مضاربة على أن له من الربح درهما فالمضاربة فاسدة وهما في ذلك بمنزلة المسلمين والذميين لان المضاربة من المعاملات وقد التزموا أحكام الاسلام فيما يرجع إلى المعاملات حين دخلوا دارنا بأمان للتجارة فما يفسد بين المسلمين يفسد بينهم الا التصرف في الخمر والخنزير وكذلك حكم المسلمين في المضاربة الفاسدة في دار الحرب ودار الاسلام سواء لان المسلم ملتزم أحكام الاسلام حيثما يكون فإذا دخل المسلم والذمي دار الحرب بأمان فدفع إلى حربي مالا مضاربة بربح مائة درهم أو دفعه إليه الحربي فهو جائز في قول أبي حنيفة ومحمد والربح بينهما على ما اشترطا حتى إذا لم يربح الا مائة درهم فهي كلها لمن شرط له والوضيعة على رب المال وفي قول أبى يوسف رحمه الله المضاربة فاسدة وللمضارب أجر مثله وحالهما في ذلك كحالهما في دار الاسلام وهو بناء على مسألة الربا فإنه لا يجرى بين المسلم والحربي في دار الحرب عن أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله خلافا لأبي يوسف رحمه الله والعقود الفاسدة كلها في معنى الربا وإن كان ربح أقل من مائه درهم فذلك للمضارب ولا شئ على رب المال غيره لأنه إنما شرط له المائة من الربح فلا يلزمه أداء شئ من محل آخر وهكذا إن لم يربح شيئا فلا شئ له على رب المال لان محل حقه قد انعدم ولا وجه لاثبات الحق له في محل آخر لانعدام السبب وإذا دفع المسلم المستأمن في دار الحرب مالا مضاربة إلى رجل قد أسلم هناك ولم يهاجر الينا يربح مائة درهم وأخذ منه ذلك جاز على ما اشترطا في قول أبي حنيفة رحمه الله وفي قول أبى يوسف ومحمد رحمهما الله المضاربة فاسدة وهو بمنزلة الربا أيضا فان عند أنى حنيفة الذي أسلم ولم يهاجر في حكم الربا كالحربي وعندهما كالتاجر المسلم في دار الحرب وقد بينا المسألة في الصرف والله أعلم بالصواب * (باب الشركة في المضاربة) * (قال رحمه الله) وإذا دفع الرجل إلى رجل مالا مضاربة ولم يقل له اعمل فيه برأيك فدفع
(١٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 126 127 128 129 130 131 132 133 134 135 136 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب الغصب في الرهن 2
2 باب جناية الرهن في الحفر 9
3 كتاب المضاربة 17
4 باب اشتراط بعض الربح لغيرهما 29
5 باب المضاربة بالعروض 33
6 باب ما يجوز للمضارب في المضاربة 38
7 باب شراء المضارب وبيعه 48
8 باب نفقة المضارب 62
9 باب المرابحة في المضاربة 73
10 باب الاختلاف بين المضارب ورب المال 79
11 باب المضارب يبيع المال ثم يشتر به لنفسه بأقل من ذلك 81
12 باب عمل رب المال مع المضارب 83
13 باب المضارب يدفع المال مضاربة 98
14 باب قسمة رب المال والمضارب 105
15 باب عتق المضارب ودعواه الحط 109
16 باب جناية العبد في المضاربة والجناية عليه 118
17 باب ما يجوز للمضارب أن يفعله وما لا يجوز 122
18 باب مضاربة أهل الكفر 125
19 باب الشركة في المضاربة 131
20 باب اقرار المضارب بالمضاربة في المرض 140
21 باب الشفعة في المضاربة 145
22 باب الشروط في المضاربة 149
23 باب المرابحة بين المضارب ورب المال 153
24 باب ضمان المضارب 157
25 باب المرابحة في المضاربة بين المضاربين 158
26 باب دعوى المضارب ورب المال 163
27 باب ضياع مال المضاربة قبل الشراء أو بعده 168
28 باب المضارب يأمره رب المال بالاستدانة على المضاربة 178
29 باب الشهادة في المضاربة 185