عليه وسلم يقول العارية مؤداة والمنحة مردودة والدين مقضى والزعيم غارم والمنحة نوع من العارية ولكن فيها معنى العطية فان من أعار غيره شاة أو ناقة ليشرب لبنها يسمى ذلك منحة ولهذا قلنا إن من منح غيره شيئا يمكن الانتفاع به مع بقاء عينه كالدار والدابة والثوب يكون عارية ولا يكون منحة وان منحه شيئا لا يمكن الانتفاع به مع بقاء عينه يكون هبة لا عارية والإعارة في مثله تكون قرضا وفيه دليل ان رد العارية على المستعير ورد المنحة على الممنوح له لان منفعة النقل حصلت له وقضاء الدين يستحق على المديون بقوله والدين مقضى ومقصوده آخر الحديث وهو قوله والزعيم غارم معناه الكفيل ضامن أي ضامن لما التزمه من مال أو تسليم نفس على معنى انه مطالب به وإذا كان لرجل على رجل ألف درهم إلى أجل فقال له رجل إذا حل أجل مالك على فلان فلم يوفك مالك فهو على أو قال إن حل فهو على فهو جائز على ما قال لان حلول المال على الأصيل سبب لتوجه المطالبة عليه والكفالة التزام المطالبة فيجوز اضافتها إلى وقت توجد المطالبة به على الأصيل وتعليقها به وكذلك لو قال إن مات فلان قبل أن يوفك مالك فهو على لان موت المديون سبب لحلول الاجل وتوجه المطالبة بقضاء الدين فيجوز تعليق الكفالة به بخلاف ما إذا علقه بموت رجل آخر وإذا ادعى الكفيل بعد موته أو بعد حلول المال ان المطلوب قد كان قضاه قبل ذلك لم يصدق لان السبب الموجب لتوجه المطالبة على الكفيل قد تقرر وقد يدعى مانعا ما لم يظهر وهو قضاء المطلوب حقه ولو ادعى المطلوب ذلك بنفسه لم يصدق الا بحجة فكذلك إذا ادعاه الكفيل ولو كان حالا فقال إن لم يعطك فلان مالك فهو على فتقاضى الطالب المطلوب فلم يعطه ساعة تقاضاه فهو لازم الكفيل لان الشرط امتناع المطلوب من الاعطاء وإنما يتحقق بعد ذلك التقاضي فكما تقاضاه وامتنع من الأداء فقد وجد شرط وجوب المال على الكفيل ولان مقصود الكفيل من هذا دفع مؤنة كثرة التقاضي عن الطالب فإنه يتأدى بذلك وإنما يحصل ذلك إذا صار الكفيل ملتزما عند امتناع المطلوب بعد التقاضي وذكر عن شريح رحمه الله أنه قضى بكفالة وقال إن الكفيل غارم وفيه دليل جواز الكفالة مطلقا لكن لا يكون مستحق التسليم حتى يتحقق ان الكفيل غارم له وإذا كفل الرجل عن رجل بمال فللطالب ان يأخذ به أيهما شاء وبمطالبة أحدهما لا يسقط حقه في مطالبة الآخر بخلاف الغاصب مع غاصب الغاصب وقد بينا نوع فرق بينهما ونوع آخر وهو أن هناك الحق قبل أحدهما فيعين من عليه الحق
(٢٨)