لم يكن شئ تركت وأدى الكفيل ذلك ثم إن عتقت يوما لم يتبعها من ذلك بشئ لان السبي أبطل عنها كل دين فان نفس المسبي تتبدل بالاسترقاق من صفة المالكية إلى المملوكية والدين لا يجب على المملوك الا شاغلا لماليته وهذا الدين حين وجب لم يكن شاغلا لشئ سوى الذمة وقد تعذر ابقاؤه بتلك الصفة فلهذا سقط عنها وكذلك الذمي والذمية إذا انقضى العهد ولحقا بالدار وقد كفل رجل عنهما بنفس أو مال فان الكفيل يؤخذ بذلك فان ماتا أو سبيا بطلت الكفالة بالنفس دون المال فان أداه ثم عتقا لم يرجع عليهما به لما بينا في المرتدة ولا تجوز كفالة المرتد عن الذمي بالخمر والخنزير لان حكم الاسلام باق في حق المرتد فإنه مجبر على العود إلى الاسلام غير مقر على ما اعتقده فكما لا تجوز كفالة المرتد بالخمر فكذلك كفالة المرتد وعلى هذا لو استهلك المرتد خمر الذمي كان عليه قيمتها كما لو استهلكها مسلم فان كفل بها عنه مسلم جاز لان القيمة الواجبة عليه دراهم أو دنانير ولو كفل مسلم لمرتد بنفس أو مال ثم لحق المرتد بدار الحرب كان ورثته على حقه من الكفالة لأنهم يخلفونه في حقوقه بعد لحاقه كما يخلفونه في أملاكه فان رجع ثانيا كان له ان يأخذ الكفيل بالنفس والمال لان ما كان قائما من حقوقه يعود إليه إذا رجع ثانيا بمنزلة ما هو قائم من أملاكه وإن كان ورثته قد استوفوا بقضاء القاضي فالكفيل من ذلك برئ بمنزلة ما هلك من ماله وهذا لان الأداء إلى وارثه بقضاء القاضي بمنزلة الأداء إليه فيبرأ الكفيل به وكفالة المستأمن والكفالة له بمال أو نفس جائزة لأنه من المعاملات وإنما دخل دارنا بأمان ليعاملنا ففي المعاملات يستوى بنا فان لحق بداره ثم خرج مستأمنا فالكفالة بحالها لأنه باللحاق صار من أهل دار الحرب حقيقة بعد أن كان من أهلها حكما فهو قياس ما بينا في المرتد وان أسر بطلت الكفالة فيما له لان نفسه قد تبدلت بالأسر وذلك مبطل لحقوقه ولم يخلفه ورثته في ذلك بخلاف المرتدة على ما بينا فاما فيما عليه فتبطل الكفالة بالنفس لتبدل نفسه بالأسر كما في المرتدة وبالمال كذلك هنا لان في المرتدة المال يتحول إلى ما خلفت وليس هنا محل هو خلف عنه فلهذا بطلت الكفالة بالمال أيضا ومكاتب الحربي إذا كان مستأمنا في دار الاسلام وعبده بمنزلة عبيد أهل الذمة ومكاتبهم في جميع ذلك لان في المعاملات هم بسبب عقد الضمان يكونون بمنزلة أهل الذمة فكذلك عبيدهم ومكاتبوهم والله أعلم بالصواب
(٣٣)