المبسوط - السرخسي - ج ١٩ - الصفحة ١٨٤
لأنه كفل عن كل واحد منهم بثلث المال وأدى ثلثه ويرجعون جميعا علي صاحب الأصل بالمال وان شاء المؤدى رجع علي أحد صاحبيه بالنصف لأنه يقول أنت مساو لي في هذه الكفالة وقد أديت المال فارجع عليك بنصفه لنستوي في القيام بالكفالة كما استوينا في الكفالة فان قيل كيف يرجع عليه بالنصف وهو إنما كفل عنه الثلث قلنا نعم ولكن الثلث الذي علي الثالث المؤدى وهذا الآخر يستويان في الكفالة عنه بذلك فكان له أن يقول نصف ذلك الثلث أديته بحكم الكفالة عنك لأنك كفيل معي عنه بذلك وبعضنا كفيل عن بعض فلهذا رجع عليه بنصفه فإذا فعل ذلك ثم لقيا الثالث رجعا عليه بثلث المال ليستووا في عدد الكفالة ثم إذا لقوا المطلوب رجعوا عليه بجميع المال ولو كفل بنفسه رجل على أنه إن لم يواف به غدا فعليه ألف درهم التي له عليه فلم يواف به في الغد وقال الطالب وصلني الألف وأديته ألفا أخرى أو قال لم يكن لي عليه يومئذ شئ ولكن أديته ألفا قبل حلول الأجل لم يلزم الكفيل من ذلك شئ لأنه إنما كفل المال الواجب عليه عند الكفالة بالنفس لا عند عدم الموافاة وذلك المال قد سقط أو تبين انه لم يكن واجبا باقرار الطالب وما وجب بعد ذلك لم يتناوله عقد الكفالة فلا يطالب الكفيل بشئ منه ولو قال إن لم يواف به فعليه المائة درهم التي له عليه وما باعه من شئ ما بينه وبين ان يمضى هذا الاجل لزمه على ما قال لان الكفالة هنا كما تناولت الواجب عند الكفالة بالنفس تتناول ما يجب بعدها قبل الاجل وكل واحد منهما صحيح لأنه أضاف الالتزام بالكفالة إلى سبب وجوب المال وهو المبايعة فما كان قائما من المال عند عدم الموافاة يصير الكفيل به كفيلا به ولو كفل بنفس رجل وإن لم يواف به إلى كذا من الاجل فعليه المال الذي عليه وهو مائة درهم فمات المكفول به قبل الاجل ثم مضى الاجل فالمال على الكفيل لان شرط الوجوب عدم الموافاة وذلك يتحقق بعد موت المكفول به وان قيل شرط وجوب المال عدم موافاة مستحقه وذلك لا يكون بعد موت المكفول به لان الكفالة بالنفس تبطل بالموت فينبغي أن لا يلزمه المال وهو كما قال أبو حنيفة ومحمد رحمهما الله إذا قال إن لم أشرب الماء الذي في هذا الكوز اليوم فامرأته كذا فأهريق الماء قبل الليل لا يقع الطلاق لان الشرط عدم شرب يتأتى أو يكون مستحقا باليمين في آخر النهار ولا يتحقق ذلك إذا هريق والجواب عنه ان نقول هما جعلا عدم الموافاة شرط وجوب المال فالتقييد بموافاة مستحقة يكون زيادة ثم حقيقة المعنى وبه يتضح الفرق
(١٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 179 180 181 182 183 184 185 186 187 188 189 » »»
الفهرست