المبسوط - السرخسي - ج ١٩ - الصفحة ١٥
القاضي بلحوقه بمنزلة القضاء بموته وذلك ابطال للوكالة وبعدما تأكد بطلان الوكالة بقضاء القاضي لا تعود الا بالتجديد ولأنه لما عاد مسلما كان بمنزلة الحربي إذا أسلم الآن (ألا ترى) ان الفرقة الواقعة بينه وبين زوجته لا ترتفع بذلك فكذلك الوكالة التي بطلت لا تعود ومحمد رحمه الله يقول صحة الوكالة لحق الموكل وحقه بعد الحاقه بدار الحرب قائم ولكنه عجز عن التصرف لعارض والعارض على شرف الزوال فإذا زال صار كأن لم يكن فيبقى الوكيل على وكالته بعد ردة الموكل على حاله ولكن تعذر على الوكيل بمنزلة ما لو أغمي على الوكيل زمانا ثم أفاق فهو على وكالته فاما إذا ارتد الموكل ولحق بدار الحرب بطلت الوكالة لقضاء القاضي بلحاقه بدار الحرب فان عاد مسلما لم يعد الوكيل على وكالته في رواية الكتاب فأبو يوسف رحمه الله سوى بين الفصلين ومحمد رحمه الله يفرق فيقول الوكالة تعلقت بملك الموكل وقد زال ملكه بردته ولحاقه فبطلت الوكالة على البتات واما بردة الوكيل فلم يزل ملك الموكل قائما فكان محل تصرف الوكيل باقيا ولكنه عجز عن التصرف لعارض فإذا زال العارض صار كان لم يكن وجعل على هذه الرواية ردة الموكل بمنزلة عزله الوكيل لأنه فوت محل وكالته بمنزلة ما لو وكله ببيع عبد ثم أعتقه وفى السير الكبير يقول محمد رحمه الله يعود الوكيل على وكالته في هذا الفصل أيضا لان الموكل إذا عاد مسلما يعاد عليه ماله عل قديم ملكه وقد تعلقت الوكالة بقديم ملكه فيعود الوكيل على وكالته كما لو وكل ببيع عبد له ثم باعه الموكل بنفسه ويرد عليه بالعيب بقضاء القاضي عاد الوكل على وكالته فهذا مثله قال وإذا وكل رجلان رجلا وأحدهما يخاصم صاحبه لم يجز أن يكون وكيلهما في الخصومة لأنه يؤدى إلى فساد الاحكام فإنه يكون مدعيا من جانب جاحدا من الجانب الآخر والتضاد منهى عنه في البيع والشراء فإذا كان في البيع لا يصلح الواحد أن يكون وكيلا من الجانبين ففي الخصومة أولى وان كانت الخصومة لهما مع ثالث فوكل واحدا جاز لان الوكيل معبر عن الموكل والواحد يصلح أن يكون معبرا عن اثنين كما يصلح أن يكون معبرا عن واحد وإذا وكل رجلا بالخصومة ثم عزله بغير علم منه لم ينعزل عندنا وقال الشافعي رحمه الله ينعزل لان نفوذ الوكالة لحق الموكل فهو بالعزل يسقط حق نفسه وينفرد المرء باسقاط حق نفسه (ألا ترى) انه يطلق زوجته ويعتق عبده بغير علم منهما ويكون ذلك صحيحا والثاني الوكالة للموكل لا عليه ولهذا لا يكون ملزما إياه فلو لم ينفرد بالعزل قبل علم الوكيل به كان ذلك عليه من وجه وذلك لا يجوز ولكنا نقول
(١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 ... » »»
الفهرست