المبسوط - السرخسي - ج ١٩ - الصفحة ١٤٥
خالف ما أمره به نصا حين أضاف الصلح إلى غير المحل الذي أمره به الموكل وهو أضر على الموكل مما أمره به قال ولو صالح على كر حنطة وسط بغير عينه والكر الذي دفع إليه وسط ففي القياس لا يجوز على الموكل لأنه لو جاز كان بدل الصلح دينا في ذمته وهو إنما وكله بان يصالح على كر حنطة بعينه وكان بهذا مغيرا العقد إلى غير المحل الذي أمر به ولكنه استحسن وقال يجوز صلحه على الموكل لأنه ما خالف أمره به بتسمية شئ آخر سوى المأمور به إنما ترك التعيين ولا ضرر على الموكل في ذلك وقد بينا انه إنما يعتبر من التقييد ما يكون مفيدا في حق الموكل دون ما لا يكون مفيدا ولان الوكيل قد يبتلى بهذا فقد يتفق الصلح في غير الموضع الذي فيه الحنطة ولو أضاف العقد إلى عينه وهو غير مرئى دخل فيه شبهة الاختلاف بين العلماء رحمهم الله في جواز شراء ما لم يره فتجوز عن ذلك بتسمية كر وسط مطلقا على أن يدفع إليه ذلك الكر ولما وكله الموكل مع علمه انه قد يبتلى بهذا فقد صار راضيا بترك التعيين قال ولو وكله المدعى أن يصالح على بيت من هذه الدار بعينه فصالح عليه وهو بيت وآخر فهو جائز لأنه زاد خيرا بما صنع وحصل مقصوده قال ولو وكله أن يصالح عن هذا البيت بمائة درهم فصالح عنه وعن بيت آخر بمائة درهم والوكيل من جانب المدعى عليه جاز في حصة ذلك البيت لأنه امتثل أمره حين صالحه عن ذلك البيت على أقل مما سمى له قال ولو وكله رب الدار أن يصالح عنه ولم يسم له شيئا فصالح على مال كثير وضمن فهو لازم للوكيل بحكم ضمانه ثم إن كان مما يتغابن الناس فيه جاز على الموكل وإن كان أكثر من ذلك لم يجز على الموكل لأنه بمنزلة الوكيل بالشراء وقد بينا أن تصرفه هناك يتقيد بما يتغابن الناس في مثله فإذا زاد على ذلك لم يجز على الموكل فإن كان الوكيل وكيلا للمدعى فصالح على شئ يسير فهو جائز على المدعى في قول أبي حنيفة رحمه الله لأنه بمنزلة الوكيل بالبيع والتوكيل مطلق فلا يتقيد بشئ من البدل كما هو مذهبه في قول أبى يوسف ومحمد رحمهما الله لا يجوز إلا أن يحط عنه فيما يتغابن الناس في مثله بمنزلة الوكيل بالبيع والشراء عندهما وإن لم يعرف الدعوى فالصلح جائز على كل حال يريد به إذا كان الخصم منكرا ولا حجة للمدعى أو لا يعرف مقدار ما يدعيه من الدار فالصلح على البدل اليسير في مثل هذا الموضع متعارف والحط على وجه يكون فيه اسقاط شئ من حق الموكل غير معلوم هنا فلهذا جاز الصلح على كل حال قال وإذا وكل المشترى الطاعن بالعيب وكيلا بالصلح فأقر أن صاحبه قد رضى بالعيب فاقراره
(١٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 140 141 142 143 144 145 146 147 148 149 150 ... » »»
الفهرست