المبسوط - السرخسي - ج ١٥ - الصفحة ١٦٣
بسمة ما يموت منها والا فهو ضامن فهذا الشرط غير معتبر لأنها قد تموت في موضع لا يمكنه أن يأتي بسمتها وقد يفتعل فيما يأتي من السمة بأن يأكل بعض الغنم ثم يأتي بسمته ويقول قد مات فان السمة لا تختلف بالذبح والموت فعرفنا أن هذا الشرط غير مفيد ثم على قول أبي حنيفة رحمه الله القول قوله وإن لم يأت بالسمة لأنه أمين في العين عنده وعندهما هو ضامن وان أتى بالسمة إلا أن يقيم البينة على الموت ولا يسع المصدق أن يصدق غنما مع الراعي حتى يحضر صاحبها لان المصدق يأخذ الزكاة والزكاة تجب على المالك ويتأدى بأدائه ونيته والراعي في ذلك ليس بنائب عنه فان أخذ المصدق الزكاة من الراعي فلا ضمان على الراعي في ذلك لان الراعي لا يتمكن من أن يمنع المصدق من ذلك فهو في حقه بمنزلة الموت وان خاف الراعي على شاة منها فذبحها فهو ضامن لقيمتها يوم ذبحها لان صاحبها لم يأمره بذبحها بل منعه من ذلك وان اختلفا في عدة ما سلمه إلى الراعي فالقول قول الراعي لانكاره قبض الزيادة والبينة بينة صاحب الغنم لاثباته الزيادة ببينته ثم يكون ضامنا للفضل بجحوده وليس للراعي أن يسقى من ألبان الغنم ولا يأكل ولا يبيع ولا يقرض لأنه مأمور بالرعي وهذا ليس من عمل الرعي فهو فيه كسائر الأجانب فيكون ضامنا ان فعل شيئا من ذلك ولو أن رب الغنم باع نصف غنمه فإن كان استأجر الراعي شهرا على أن يرعى له لم يحطه من الاجر شئ لان المعقود عليه منافعه وإنما يستوجب الاجر بتسليم نفسه في المدة ولو أراد رب الغنم أن يزيد في الغنم ما يطيق الراعي كان له ذلك لأنه مالك لمنافعه في المدة فهو بمنزلة عبده في ذلك يستعمله في ذلك العمل بقدر طاقته وان استأجر شهرا يدعى له هذه الغنم بأعيانها لم يكن له أن يزيد فيها بالقياس لان التعيين إذا كان مفيدا يجب اعتباره والتعيين في حق الراعي مفيد لان المشقة عليه تختلف باختلاف عدد الغنم فهو ما التزم الا رعى ما عينه عند العقد فلا يكون لرب الغنم أن يكلفه شيئا آخر كما لا يكون له أن يكلفه عملا آخر ولكنه استحسن فقال له أن يكلفه من ذلك بقدر طاقته لان المعقود عليه منافعه فإنه بدأ بذكر المدة وتعيينه الأغنام لبيان ما قصد من تملك منافعه بالإجارة لا لقصر حكم العقد عليه فإذا بقيت منافعه بعد هذا التعيين مستحقة لرب الغنم كان له أن يكلفه في ذلك بقدر طاقته ولكن لا يكلف عملا آخر لأنه تبين مقصوده عند العقد وهو الرعي فما ليس من عمل الرعي لا يكون داخلا في حكم العقد ثم قال أرأيت لو ولدت الغنم أما كان عليه أن يرعى أولادها معها والقياس والاستحسان فيهما لان الولد بعد الانفصال
(١٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 158 159 160 161 162 163 164 165 166 167 168 ... » »»
الفهرست