المبسوط - السرخسي - ج ١٥ - الصفحة ١٥٨
مسألة السلم فان قال المستأجر قد أنفقتها عليه لم يصدق الا ببينته لان الاجر دين في ذمته والمدين إذا ادعى قضاء الدين لا يقبل ذلك منه الا بحجة ويستحلف رب الحمام على عمله لأنه لو أقربه لزمه فإذا أنكر يستحلف لرجاء نكوله ولكن الاستحلاف على فعل الغير يكون على العلم وكذلك لو أشترط عليه انه أمين في هذه النفقة وأن القول قوله فيها لم يكن القول قوله لان المدين ضامن ما في ذمته واشترط كون الضامن أمينا مخالفا لحكم الشرع فكان باطلا ولو جعلا بينهما رجلا يقبضها ونفقتها على الحمام فقال المستأجر دفعتها إليه وكذبه رب الحمام فان أقر العدل بقبضها برئ المستأجر لأنه وكيل رب الحمام في القبض فيصح منه الاقرار بالقبض ويجعل كاقرار الموكل بذلك فان رب الحمام حين سلطه على القبض فقد سلطه على الاخبار به ثم العدل أمين فيما يصل إليه فيكون القول قوله فيما يدعى من ضياع أو نفقة مع يمينه كالمودع وإن كان العدل كفيلا بالأجر كان مثل المستأجر غير مؤتمن ولا يصدق لان الكفيل ضامن لما التزمه في ذمته كالأصيل وليس لرب الحمام أن يمنعه بئر الماء ومسيل ماء الحمام أو موضع سرقينه وإن لم يشترط لان هذا من مرافقه ومجامعه ولا يتم الانتفاع الا به فكان بيعا والبيع يصير مذكورا بذكر الأصل فهو بمنزلة مدخل الحمام وفنائه يدخل في العقد من غير شرط ولو اختلفا في قدر الحمام فهي لرب الحمام لأنها مركبة في بنائه ولان الظاهر فيها يشهد لرب الحمام فان اتخاذ القدر واصلاحه عليه ولو أراد رب الحمام أن يقعد مع المستأجر أمينا يقبض عليه يوما بيوم لم يكن له ذلك لان المستأجر صار أحق بالانتفاع بتلك النفقة فليس لأحد أن يقعد معه في ذلك الموضع بغير إذنه لأنه ليس لرب الحمام من غلة الحمام شئ إنما له أجر مسمى في ذمة المستأجر فأما في الغلة فهو وأجنبي آخر سواء ولو انقضت مدة الإجارة وفي الحمام سرقين كثيرا وادعاه كل واحد منهما فهو للمستأجر لأنه منقول كسائر الأمتعة ولان الظاهر فيه يشهد للمستأجر لان ذلك عليه دون رب الحمام ويؤمر بنقله لان موضعه مملوك لرب الحمام ولم يبق للمستأجر فيه حق فعليه أن يفرغ ملك الغير عن متاعه وكذلك في الرماد إذا كان منتفعا به فقال كل واحد منهما هو لي وأنا أنتفع به فالقول قول المستأجر فان أنكر المستأجر أن يكون الرماد من عمله فالقول قوله لان رب الحمام يدعي لنفسه قبله حقا وهو نقل ذلك الرماد ويفرغ ذلك الموضع منه فعليه أن يبينه بالبينة والقول قول المستأجر مع يمينه ولو اشترط عليه في الإجارة نقل الرماد والسرقين والغسالة لم يفسد ذلك الإجارة
(١٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 153 154 155 156 157 158 159 160 161 162 163 ... » »»
الفهرست