المبسوط - السرخسي - ج ١٥ - الصفحة ١٦٢
بعد ذلك وله أن يبعث الغنم مع غلامه وأجيره وولده بعد أن يكون كبيرا في عياله سواء كان مشتركا أو خاصا لان يد هؤلاء في الحفظ والرعي كيده وكذلك في الرد وهذا بالعرف فان الراعي يلتزم حفظ الغنم على الوجه الذي يحفظ غنم نفسه وذلك بيده تارة وبيد من في عياله تارة وإذا استأجر راعيا شهرا ليرعى له غنما فأراد الراعي أن يرعى لغيره بأجر فلرب الغنم أن يمنعه من ذلك لأنه بدأ بذكر المدة وذكر المدة لتقدير المنفعة فيه فتبين أن المعقود عليه منافعه فيكون أجيرا له خاصا فإن لم يعلم رب الغنم بما فعله حتى رعى لغيره فله الاجر على الثاني ويطيب له ذلك ولا ينقص من أجر الأول شئ لأنه قد حصل مقصود الأول بكماله وتحمل زيادة مشقة في الرعي لغيره فما يأخذ من الثاني عوض عمله فيكون طيبا له وقد تقدم نظيره في الظئر ولو كان يبطل من الشهر يوما أو يومين لا يرعاها حوسب بذلك من أجره سواء كان بعذر أو بغير عذر ولو سأل راعيا أن يرعى غنمه هذه بدراهم في الشهر أو قال شهرا فهو جائز وهو مشترك له أن يرعى لغيره لأنه لما بدأ بذكر العمل بين مقدار عمله ببيان محله وهو الغنم عرفنا أن المعقود عليه العمل دون منافعه فيكون مشتركا سواء رعى لغيره أو لم يرع وان شرط عليه أن لا يرعى معها شيئا غيرها كان جائزا وكان بمنزلة الباب الأول في أنه أجير واحد لأنا إنما جعلناه مشتركا استدلا لا بالبداية بذكر العمل وسقط اعتبار هذا الاستدلال إذا صرح بخلافه بالشرط ولو دفع إليه غنمه يرعاها على أن أجره ألبانها وأصوافها فهو فاسد لأنه مجهول واعلام الاجر لا بد منه لصحة الإجارة وان اشترط عليه جبنا معلوما وسمنا لنفسه وما بقي بعد ذلك للراعي فهو كله فاسد والراعي ضامن لما أصاب من ذلك لأنه يتناول ملك الغير فان الزيادة المنفصلة تملك بملك الأصل وله أجر مثله لأنه أقام العمل بعقد فاسد ولو أن راعيا مشتركا خلط غنما للناس بعضا ببعض ولم يعرف ذلك أهلها فالقول فيه قول الراعي مع يمينه لأنها في يده والقول في تعيين المقبوض قول القابض أمينا كان أو ضمينا كالمودع مع الغاصب فان قال لا أعرفها فهو ضامن لقيمة الغنم كلها لأهلها لان الخلط على وجه يتعذر معه التمييز استهلاك فان كل واحد منهم لا يقدر على الوصول إلى عين ملكه وبمثل هذا الخلط يكون الراعي ضامنا وتكون الغنم له بالضمان والقول قوله في قيمتها يوم خلطها لأن الضمان عليه فالقول في مقداره قوله مع يمينه كالغاصب وإن كان الراعي مشتركا يرعى في الجبال فاشترط عليه صاحب الغنم أن يأتيه
(١٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 157 158 159 160 161 162 163 164 165 166 167 ... » »»
الفهرست