المبسوط - السرخسي - ج ١٥ - الصفحة ٩٣
لا يتصور تمييزه عنه فإنما يكون في حكم مال متقوم مع الثوب لا وحده وهنا لا يجب عليه قيمة الثوب فلا يجب عليه قيمة ما زاد الصبغ فيه وفي مسألة الخف البطانة والنعل لما كان بعرض الفصل كان مالا متقوما منفردا " عن الخف فلهذا اعتبر قيمة ما زاد فيه وان اختلف الصباغ ورب الثوب فيما أمره أن يصبغه به بأن صبغه بعصفر فقال رب الثوب أمرتك بالزعفران فالقول قول رب الثوب مع يمينه عندنا وقال ابن أبي ليلى رحمه الله القول قول الصباغ لأنهما اتفقا على الاذن في الصبغ ثم رب الثوب يدعى عليه خلافا ليضمنه أو ليثبت الخيار لنفسه وهو منكر لذلك فالقول قول المنكر ولكنا نقول الاذن يستفاد من جهة رب الثوب ولو أنكر الاذن له في الصبغ أصلا كان القول قوله فكذا إذا أنكر الاذن فيما صبغه به وإذا استصنع الرجل عند الرجل خفين فلما فرغ منه قال المستصنع ليس هكذا أمرتك وقال الإسكاف بهذا أمرتني فالقول قول المستصنع لما بينا أن الاذن يستفاد من جهته ولا يمين عليه لان توجه اليمين ينبنى على دعوته تلزمه الجواب وذلك لا يوجد هنا فان للمستصنع أن يأبى وإن لم يكن الصانع مخالفا فلا فائدة في استحلافه وكذلك لو أقام العامل البينة لم يلزم الامر لان الثابت بالبينة كالثابت باقرار الخصم ولو قال المستصنع بهذا أمرتك ولكن لا أريده كان له ذلك لما بينا أن الخيار ثابت للمستصنع بسبب عدم الرؤية ولو أسلم إليه خفه بنعله بأجر مسمى فهو جائز للعرف الظاهر فإذا نعله بنعل لا ينعل بمثله الخفاف فصاحب الخف بالخيار ان شاء ضمنه قيمة الخف بغير نعل وان شاء أخذه وأعطاه أجر مثله وقيمة النعل لا يجاوز به ما سمى لما بينا أنه في أصل العمل موافق وفي الصفة مخالف وإن كان ينعل بمثله الخفاف فهو لازم عليه وإن لم يكن جيدا " لان المستحق بمطلق العقد صفة السلامة فأما صفة الجودة لا تستحق الا بالشرط كما في بيع العين ولو شرط عليه جيدا " فأنعله بنعل غير جيد فلصاحب الخف الخيار لان فوات الوصف المشروط بمنزلة العيب في اثبات الخيار كما إذا اشتري عبدا بشرط أنه كاتب فوجده لا يحسن الكتابة يثبت له الخيار بمنزلة ما لو وجد العيب في المعقود عليه فهذا مثله ولو اختلافا في الاجر وقد عمله عملا على ما وصفه له فان أقاما البينة فالبينة بينة العامل لأنه يثبت الزيادة في حقه وهو الاجر فتترجح بينته بذلك وان قال رب الخف عملته لي بغير أجر وقال العامل عملته بدرهم ولا بينة بينهما فعلى رب الخف اليمين لله ما شارطه على درهم لان العامل يدعى عليه الدرهم دينا في الذمة وهو منكر فالقول قول المنكر مع اليمين فإذا حلف غرم له ما زاد النعل
(٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97 98 ... » »»
الفهرست