المبسوط - السرخسي - ج ١٢ - الصفحة ٩٥
الزبير عن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال امسكوا عليكم أموالكم لا تعمروها فمن أعمر عمري فهي للمعمر له ولورثته بعده. وروى سلمة عن جابر رضي الله عنه ما ان النبي صلى الله عليه وسلم قضى بالعمرى للمعمر له ولعقبه بعده وقال عليه الصلاة والسلام من أعمر عمري قطع قوله حقه يعنى قطع قوله وهبت لك عمرك حقه في الرجوع بعد موته والمعنى فيه أنه ملكه في الحال والوارث يخلفه في ملكه بعد موته فشرط الرجوع إليه بعد الموت فاسد والهبة لا تبطل بالشروط الفاسدة. قال (وكذلك لو قال نحلتك هذا الثوب أو أعطيتك هذا الثوب عطية فهذه عبارات عن تمليك العين بطريق التبرع وذلك يكون هبة) وكذلك لو قال قد كسوتك هذا الثوب فان هذا اللفظ لتمليك العين بدليل قوله تعالى أو كسوتهم فالكفارة لا تتأدى الا بتمليك الثوب من المسكين ويقال في العرف كسا الأمير فلانا أي ملكه * وان قال حملتك على هذه الدابة كانت عراية لان الحمل على الدابة إركاب وهو تصرف في منافعها لا في عينها فتكون عارية إلا أن يقول صاحب الدابة أردت الهبة لان هذا اللفظ قد يذكر للتمليك يقال حمل الأمير فلانا على فرسه أي ملكه فإذا نوى ما يحتمله لفظه وفيه تشديد عليه عملت نيته. وكذلك لو قال قد أخدمتك هذه الجارية فهي عارية لان معناه مكنتك من أن تستخدمها وذلك تصرف في منافعها لا في عينها. وقال قد منحتك هذه الجارية أو هذه الأرض فهي عارية لان المنحة بدل المنفعة بغير بدل قال صلى الله عليه وسلم المنحة مردودة والعارية مؤداة فيكون معنى كلامه جعلت لك منفعة هذه العين وهو نفس العارية. فان قال قد أطعمتك هذه الأرض فإنما أطعمه غلتها والرقبي لصاحبها لان عينها لا تطعم فمعناه أطعمتك ما يحصل منها فيكون تمليكا لمنفعة الأرض دون عينها وله أن يأخذها متى شاء يعنى إذا كانت فارغه فأما بعد الزراعة إذا أراد أن يستردها فان رضى المستعير بأن يقلع زرعها ويردها فله ذلك وان أبى تركت في يده بأجرة مثلها إلى وقت ادراك الغلة لأنه محق في زراعتهما غير متعد فلا بد من مراعاة حقه بخلاف الغاصب وإنما يعتدل النظر من الجانبين بأن تترك في يده بأجر إلى ادراك الغلة وان قال قد أطعمتك هذا الطعام فاقبضه فقبضه فهذه هبة لان عين الطعام تطعم فإضافة لفظة الاطعام إلى ما يطعم عينه يكون تصرفا في العين تمليكا بغير عوض وذلك يكون هبة. وكذلك لو قال جعلت هذه الدار لك فاقبضها لان معنى كلامه ملكتك هذه الدار ألا ترى ان في التمليك ببدل لا فرق بين لفظ الجعل والتمليك (7 ثاني عشر مبسوط)
(٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 100 ... » »»
الفهرست