المبسوط - السرخسي - ج ١٢ - الصفحة ٩٣
عن ملكه قبل تنفيذ الصدقة فيه وإنما عليه الوفاء بنذره حقا لله تعالي ولهذا يفتي به ولا يجبر عليه في الحكم ومثله لا يمنع الإرث فلا يبقى بعد الموت وإن كان حيا وتصدق بقيمتها أجزأه لان ما لزمه من التصدق في عين مال بالتزامه معتبر بما أوجب الله تعالى عليه وهو الزكاة والواجب هناك يتأدى بالقيمة كما يتأدى بالعين فهذا مثله لان المقصود في حق المتصدق عليه اغناؤه وسد خلته. قال (فان قال جميع ما أملك صدقة في المساكين فعليه أن يتصدق بجميع ما يملك من الصامت وأموال السوائم وأموال الزكاة ولا يتصدق بالعقار والرقيق وغير ذلك استحسانا) وفي القياس عليه أن يتصدق بجميع ذلك وهو قول زفر رحمه الله وزعم بعض مشايخنا رحمهم الله ان في قوله جميع ما أملك يتصدق بالكل قياسا واستحسانا وإنما القياس والاستحسان في قوله مالي صدقة أو جميع مالي صدقة والأصح انهما سواء وجه القياس ان اسم الملك حقيقة لكل مملوك له واسم المال لكل ما يتموله الانسان ومال الزكاة في ذلك وغير مال الزكاة سواء ألا ترى أن في الإرث والوصية بالمال يستوى فيه ذلك كله وهذا لان اللفظ معمول به في حقيقته ما أمكن ولكنه استحسن فقال إنما ذكر المال والملك عند ذكر الصدقة فيختص بمال الزكاة بدليل شرعي وهو ان ما يوجبه علي نفسه معتبر بما أوجب الله سبحانه وتعالى عليه والله تعالي أوجب الحق في المال ولذلك يختص بمال الزكاة فكذلك ما يوجبه على نفسه بخلاف الوصية وهذا لان الصدقة شرعا إنما تكون عن غنى قال صلى الله عليه وسلم لا صدقه إلا عن ظهر غنى والغنى شرعا يختص بمال الزكاة حتى لا يكون مالك العقار والرقيق لغير التجارة غنيا شرعا فلهذا الدليل تركنا اعتبار حقيقة اللفظ وأو جبنا عليه التصدق بمال الزكاة وبخلاف الوصية والميراث فان ذلك خلافه والحاجة إليه في مال الزكاة وغير مال الزكاة سواء ثم يمسك من ذلك قوته فإذا أصاب شيئا بعد ذلك تصدق بما أمسك لان حاجته في هذا القدر مقدمة إذ لو لم يسمك احتاج أن يسأل الناس ولا يحسن أن يتصدق بماله ثم يسأل الناس من ساعته ولم يبين في الكتاب مقدار ما يسمك لان ذلك يختلف بقلة عياله وكثرة عياله. وقيل إن كان محترفا فإنما يمسك قوت يوم وإن كان صاحب غلة امسك قوت شهر وإن كان صاحب ضياع أمسك قوت سنة لان يد الدهقان إلى ما ينفق إنما تتصل سنة فسنة ويد صاحب الغلة شهرا فشهرا ويد العامل يوما فيوما قال (رجل وهب للمساكين هبة ودفعها إليهم لم يرجع فيها استحسانا وفى القياس يرجع) لأنه ملكه بطريق الهبة وفي أسباب الملك الغنى والفقير سواء
(٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97 98 ... » »»
الفهرست