صارت حطبا فليس له أن يرجع فيها ألا ترى أنه قال لو قطعها فجعلها أبوابا أو جذوعا لم يكن له أن يرجع فيها إذا عمل فيها شيئا قل أو كثر لأنها الآن ليست بشجرة كما وهبها له وله أن يرجع في موضعها من الأرض ولكن ما ذكره في الكتاب أصح لان مجرد القطع في الشجرة نقصان وإن كان يزيد في ماليتها فهو باعتبار رغائب الناس فيه بمنزلة الذبح في الشاة والنقصان في الموهوب لا يمنعه من الرجوع بخلاف ما إذا جعلها أبوابا أو جزوعا فذلك زيادة صفة حادثة في الموهوب بفعل الموهوب له فيمنعه من الرجوع فيها. قال ولو وهبها له بغير أصلها وأذن له في قبضها فقطعها وقبضها كان له أن يرجع فيها لان الهبة جازت وهي مقطوعة وفي الباب الأول جاز بالهبة وهي شجرة وهذا إشارة إلى ما ذكره أبو عصمة انه بعد القطع لا يكون له أن يرجع فيها إذا تمت الهبة قبل القطع وإنما يرجع فيها إذا كان تمام الهبة بعد القطع قال وان وهب له ثمرة في نخل وأذن له في قبضها كان له أن يرجع فيها لما بينا ان تمام الهبة إذا كان معرض الفصل. قال رجل وهب لرجل عبدا فجنى عبد الموهوب له جناية بلغت قيمته ففداه الموهوب له فللواهب أن يرجع في هبته لان بالفداء يظهر عن الجناية وعاد كما كان قبل الجناية ولم يتمكن في عينه زيادة فكان للواهب أن يرجع فيه ولا يرد على الموهوب له شيئا من الفداء لأنه فدى ملكه باختياره وقد بينا أن بالرجوع ينتهى ملكه المستفاد بالهبة وان رجع قبل أن يفديه كانت الجناية في عتق البعد يدفعه الواهب بها أو يفديه لان المستحق بالجناية نفس العبد واستحقاق نفسه بالجناية نقصان فيه فلا يمنع الواهب من الرجوع ثم برجوعه بقضاء القاضي ينعدم ملك الموهوب له بغير اختياره فلا يصير هو مستهلكا ولا مختارا ولكن الجناية تبقى في رقبة العبد فيخاطب مالكه بالدفع أو الفداء ومالكه الواهب في الحال فهو المخاطب بذلك كما لو مات مولى العبد الجاني فورثه وارثه. قال ولو وهبه ثوبا فشقه نصفين فخاط نصفا قباء ونصفه الآخر علي حاله كان له أن يرجع في النصف الباقي لان الشق نقصان في الثوب وخياطة القباء زيادة في النصف الذي حدثت الزيادة بفعله فيه تعذر الرجوع وقد بينا أن تعذر الرجوع في النصف لا يمنعه من الرجوع في النصف الباقي وان قال وان وهب له شاة فذبحها كان له أن يرجع فيها لان الذبح نقصان في العين فان عمله في ازهاق الحياة قال وان ضحى بها أو ذبحها في هدى المتعة لم يكن له أن يرجع فيها في قول أبى يوسف وقال محمد يرجع فيها وتجزئه الأضحية والمتعة للذابح ولم يذكر قول أبي حنيفة
(٩٩)